مكالمة "حادة" بين نتنياهو وبايدن وتل أبيب تعلن فتح معبر إيريز لمرور المساعدات إلى غزة موقتا


<p>بايدن خلال محادثته مساء الخميس 4 أبريل الحالي مع نتنياهو، في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (رويترز)</p>

أعلنت إسرائيل أنها ستسمح “مؤقتاً” بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر حدودها مع شمال القطاع، وفق ما أفاد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجمعة، بعد ساعات من تحذير صدر عن الرئيس الأميركي جو بايدن.
وجاء في بيان مكتب نتنياهو أن “إسرائيل ستسمح بتسليم المساعدات الإنسانية بشكل مؤقت عبر أشدود ومعبر إيريز”، في إشارة إلى معبر حدودي أرضي وميناء يقع على بعد 40 كيلومتراً شمال غزة. وأضاف البيان أن “هذه الزيادة في المساعدات ستمنع حدوث أزمة إنسانية وهي ضرورية لضمان استمرار القتال وتحقيق أهداف الحرب”.
ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل بعد أن أعلنت مسؤوليتها عن غارة أدت إلى مقتل سبعة عمال إغاثة من منظمة “المطبخ المركزي العالمي” الخيرية التي تتخذ الولايات المتحدة مقراً.

مكالمة “حادة”

وعلى عكس وصف البيت الأبيض للمحادثة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مساء الخميس، بالمحادثة “الحادة وشديدة اللهجة”، ادعى الإسرائيليون أنها كانت محادثة “جيدة ومثمرة”، لكنهم لم يعلقوا على مطلب بايدن بالوقف الفوري لاطلاق النار والتوصل الى صفقة اسرى. وحذر مسؤولون أمنيون مما ذُكر عن أن استمرار الدعم الأميركي للحرب الإسرائيلية على غزة سيعتمد على الإجراءات الإسرائيلية لحماية المدنيين في غزة، واعتبروا أن موقفاً كهذا يضع إسرائيل أمام مطلب إحداث تغييرات في سياستها تجاه حرب القطاع، وأكد البعض أن غياب رؤية استراتيجية وخطة لليوم الذي يلي، جلب إسرائيل إلى وضع كهذا أمام الولايات المتحدة.
وبحسب إسرائيل استمرت المحادثة 45 دقيقة، بينما جاء في بيان خاص أصدره البيت الابيض بأنها استمرت “أقل” من نصف ساعة، وأوضح أنها كانت محادثة صعبة.
وإلى جانب التحذير الأميركي من استهداف عمال الإغاثة الدولية في غزة وعرقلة صفقة الأسرى، أعرب بايدن عن دعم إسرائيل في حربها مع إيران.
وجاءت هذه المحادثة في ذروة التوتر الأمني والسياسي والاجتماعي الذي تشهده إسرائيل على خلفية تهديدات إيران المتصاعدة بالرد على القصف الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، إلى جانب فشل صفقة الأسرى بل الوصول إلى باب مغلق في هذا الشأن.

ذعر وفوضى

ووصف أكثر من مسؤول أمني وسياسي ما شهدته إسرائيل في اليوم الـ181 من حرب “طوفان الأقصى”، بالذعر والفوضى والإرباك والضبابية. فبعد حوالي ستة أشهر من حرب يديرها من يُصنّف كخامس أكبر جيش في العالم ويملك قدرات عسكرية واستخباراتية كبيرة، أمام حركة مسلحة، دون أن يتمكن بعد من تحقيق أهداف الحرب، بل أن الوضع الحالي يشير إلى أن الهدف الأول بالقضاء على “حماس”، بات هدفاً غير قابل للتنفيذ. أما هدف إعادة الأسرى الموجودين في غزة، فإن الصفقة في شأنه وصلت إلى باب مغلق، بشكل سيكون فيه من الصعب التقدم بما يضمن التوصل إلى صفقة قريبة. وأمام هذا كله، أدخلت إسرائيل نفسها في مواجهة جديدة مع إيران بعد استهداف قنصليتها في دمشق ومقتل قياديين في “الحرس الثوري”، لتجد نفسها اليوم في حالة ذعر وفوضى، لا تجعلها مرتبكة أمام من تعتبرهم أعداءها وحسب، بل منقسمة وغير قادرة على مواجهة الصراع الداخلي الذي وصل إلى ذروته، سواء بين متخذي القرار والجمهور وتحديداً عائلات الأسرى، أو بين متخذي القرار أنفسهم.
وهذا جانب مما توصل إليه مسؤولون أمنيون وسياسيون خلال مناقشاتهم أمس الخميس، فإن الوضع الذي دخلت فيه إسرائيل بعد تهديد إيران بالرد على العملية الأخيرة في دمشق، وعدم رؤية أفق قريب للتوصل إلى صفقة، وعدم تحقيق أهداف الحرب، في ظل تعميق الخلافات بين واشنطن وتل أبيب، ليس فقط حول اجتياح رفح، إنما أيضاً صفقة الأسرى، والقتل العمد لعاملي جمعيات الإغاثة، وكل ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، وموقف بايدين مساء الخميس، خربط الأوراق الإسرائيلية في مجمل هذه القضايا.

من الجبهة الشمالية خرجت الشعلة
 

حتى مساء الأربعاء الماضي، تعاملت إسرائيل مع تهديدات ايران في إطار التقديرات بأنها لن ترد داخل إسرائيل كما لن يرد “حزب الله” في الجبهة الشمالية على قصف القنصلية في دمشق، واقتصرت التعليمات التي وردت بعد يوم من القصف على رفع حالة التأهب والاستعداد، ولكن ليل الأربعاء وتحديداً بعد سقوط صاروخ في نهاريا، اعتبر أمنيون وعسكريون أن هذا القصف قد يكون الشعلة التي ستوقد الحرب.

واستفاق الإسرائيليون صباح أمس الخميس على قصف مكثف على قرية المطلة ومزارع شبعا ولأول مرة يُعلَن في إسرائيل أن قصف المطلة أدى إلى تدمير ستة بيوت بشكل كامل.

وجاء ذلك التصعيد الأمني بموازاة التعقيدات التي تشهدها حرب غزة، من حيث التقدم في العمليات وصولاً إلى رفح، أو ملف الأسرى والذي عاد الوفد الإسرائيلي بعد مباحثات في القاهرة من دون إحراز تقدم جدي لعدم قبوله بالأساس مطلب “حماس” إعادة سكان شمال القطاع إلى بيوتهم من دون تقييد العدد أو مرور العائدين عبر نقاط مراقبة عسكرية إسرائيلية.

وما بين جميع هذه الأمور تواصلت الاحتجاجات الإسرائيلية التي بات أبرز شعاراتها “صفقة فورية ولجميع الأسرى” و”انتخابات قريبة”، لكن مع ذلك بقي تهديد إيران والاستعداد له مهيمناً على أجندة الإسرائيليين، حيث أعلنت جهات أمنية وعسكرية أن إسرائيل رفعت حالة التأهب والاحتياط إلى ذروة غير مسبوقة منذ سنوات. وأصدر الجيش الإسرائيلي تعليمات جديدة ألغى فيها عُطل نهاية الأسبوع لجنوده وجنّد الاحتياط وأعاد الوحدات العسكرية التي غادرت الجبهة الجنوبية (تجاه غزة)، والجبهة الشمالية (تجاه لبنان) لتنتشر في مختلف المناطق، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وفي المركز.

سلاح الجو وخدمة الخرائط

وكان سلاح الجو الإسرائيلي، الذي استُهدف على مدار الشهر الأخير، مرات عدة بصواريخ “حزب الله”، أول من دخل إلى حالة احتياط واستعداد. كما كان القرار الذي شكل ذعراً كبيراً للجميع في إسرائيل يتعلق بتشويش خدمة الخرائط ونظام تحديد المواقع العالمي(GPS)، في تطبيقات مثل “ويز” و”خرائط غوغل”، فبعد أن كان مقتصراً على حيفا ومناطق استراتيجية، تم توسيع التشويش إلى الجنوب وتل أبيب والقدس، بحيث أظهرت خدمات الخرائط للمستخدمين أنهم في بيروت أو القاهرة.

كل هذا رافقته تصريحات من مسؤولين عسكريين وأمنيين سابقين في تل أبيب دعوا إلى التعامل بمنتهى الجدية مع تهديدات إيران. والتقى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أهارون هاليفا الذي قلما يطلق تصريحات علنية، بمسؤولي وحدات استخباراتية في غزة، لكنه قال بكل صراحة إن ما ينتظر إسرائيل هو أشهر طويلة من الحرب “ومن يعتقد أننا تجاوزنا الأسوأ فهو مخطئ، لأن الأسوأ مقبل قريباً”. وأضاف أن “الماكينة العسكرية تتدرب في كل مركباتها فسلاح الجو يتدرب ويقوم بعمل عظيم وسلاح البرية وكذلك الاستخبارات، فنحن أمام معركة عسكرية ليست سهلة لمن لا يفهمها. ويبقى الأهم كيف يمكن للانجازات العملية أن تقودنا نحو تحقيق أهداف الحرب”.

وفي سياق حديثه، أكد هاليفا أن الجيش مستمر في قتاله وتكثيفه، “علينا الاستمرار في الضغط على العدو، وقتل العدو، والاستمرار في إبادته وتدميره، وأقول لكم هنا: تذكروا أن من يقول إن الأسوأ من خلفنا هو مخطئ لأن الأسوأ ما زال أمامنا وتنتظرنا فترة معقدة فنحن أمام حرب متعددة الجبهات سنواجهها لعدة أشهر مقبلة”.

من جهته، دعا عاموس جلعاد، الرئيس السابق لوحدة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية، إلى التعامل مع تهديدات ايران بمنتهى الجدية، مضيفاً “وفي ظل هذه التهديدات علينا الاستعداد وأتوقع أن جميع الأجهزة لدينا مستعدة جداً وسلاح الجو بشكل خاص. المنظومة كلها يقظة ومستعدة”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رسائل طمأنة لكن من دون ثقة
 

التعليمات التي صدرت من قبل الجيش إلى جانب تصريحات المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، سيطرت على الحدث في تل أبيب الخميس، حتى تهافت الإسرائيليون على البنوك والمتاجر ومراكز التسوق لشراء وتخزين المواد الغذائية بكميات كبيرة، وكذلك المولدات الكهربائية. وعبّر الشارع الإسرائيلي عن حال ذعر وخوف، ما استدعى إصدار الناطق بلسان الجيش، دانييل هاغاري، بياناً خاصاً توجه فيه إلى المواطنين في محاولة لطمأنتهم وادعى أن لا تغيير في الجبهة الداخلية.

وقال هاغاري إن “تعليمات قيادة الجبهة الداخلية لم تتغير. ليست هناك حاجة لشراء المولدات الكهربائية وتخزين المواد الغذائية وسحب الأموال من أجهزة الصراف الآلي”.

في المقابل، شرعت السلطات المحلية في منطقة تل أبيب باتخاذ إجراءات في محاولة لطمأنة المواطنين، ففتحت الملاجئ العامة.

من جهته هاجم وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، رئيس هيئة الطوارئ الإسرائيلي، يورام لاريدو، لتحذيراته بشأن حالة حرب واسعة النطاق بين إسرائيل و”حزب الله” تؤدي إلى انقطاع الكهرباء لأشهر، ما دفع المدنيين إلى شراء المولدات.

وقال كوهين إن “تصريحات رئيس هيئة الطوارئ غير مسؤولة، القول بإنه سيكون هناك انقطاع للتيار الكهربائي على مدى أشهر عدة هو كلام غير مسؤول. وظيفته هي الاستعداد وعدم الدخول في الهستيريا، واطلاق تصريحات لا أساس لها من الصحة”. وأضاف كوهين مهدداً، “إذا انقطع التيار الكهربائي في إسرائيل لساعات، ففي لبنان سينقطع التيار الكهربائي لشهور كاملة. نحن نعمل على الاستعداد الجيد، أنا شخصياً لم أشتر مولداً للكهرباء”.
 

ثلاثة سيناريوهات محتملة
 

وناقش الكابينت الحربي بحضور قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تداعيات تهديدات إيران والسيناريوهات المتوقعة وسبل تهدئة حالة الذعر والخوف والارتباك.

وقال نوعام تيفون، القائد السابق لفرقة دائرة الرقابة الداخلية إن “الجيش الإسرائيلي ينتصر في الشمال تكتيكياً، لكنه يخسر استراتيجياً حيث لا تعمل الحكومة الإسرائيلية أي شيء في وقت نحن بحاجة إلى تجنب حرب على جبهتين، أي حرب شاملة. ما يحدث في الشمال هو أن طوال الوقت، تحافظ كل من إسرائيل و”حزب الله” على تبادل الضربات دون تخطي عتبة الحرب، ومن المشكوك فيه أن إيران الآن، خاصة مع الوجود الأميركي المكثف هنا في المنطقة، ترغب في بدء حرب شاملة”، أما بالنسبة إلى الانتقام، يضيف تيفون “فهذا أمر آخر لذلك علينا الاستعداد بجدية شديدة”.

subtitle:
رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية: ما ينتظر إسرائيل هو أشهر طويلة من الحرب ومن يعتقد أننا تجاوزنا الأسوأ مخطئ
publication date:
الجمعة, أبريل 5, 2024 – 01:30

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com

Recent Posts

ماكرون وستارمر وكارني: لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء الأفعال المشينة لحكومة نتانياهو في غزة

حذّر الرئيس الفرنسي ورئيسا الوزراء البريطاني والكندي ،من أنهم "لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء الأفعال المشينة لحكومة…

4 ساعات ago

وزيرا الداخلية والعدل تفقدا عمليات الفرز في قصر العدل واكدا غياب الاشكالات وان الفرز حصل بحضور مندوبين وبشكل رصين جداً

تفقّد وزيرا الداخلية أحمد الحجار والعدل عادل نصار سير عمليات الفرز في قصر العدل في بيروت…

4 ساعات ago

22 دولة طالبت إسرائيل بالسماح مجددا ب”دخول المساعدات بشكل فوري وكامل” إلى غزة

طالب وزراء خارجية 22 دولة، من بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا واليابان وأستراليا، الإثنين إسرائيل…

4 ساعات ago

باسيل: أهل بيروت أثبتوا بوعيهم حرصهم على المناصفة ونحترم إرادة أهل زحلة والأهم الحفاظ على التنوع فيها

عقد "التيار الوطني الحر" مؤتمرًا صحفيًا حول نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في البقاع وبيروت، حيث…

4 ساعات ago

“جبهة العمل الإسلامي”: لنبذ الفتن الداخلية والوقوف صخرة صلبة في مواجهة مؤامرات العدو

رأت "جبهة العمل الإسلامي" في لبنان في بيان، أن "العدو اليهودي الصهيوني المجرم الحاقد  الغادر…

4 ساعات ago

النمر: فازت لائحة “التنمية والوفاء” في بعلبك بفارق 6000 صوت الحاج حسن: من الدلالات ثبات بيئة المقاومة وتحالف الثنائي

بعلبك- أعلن مسؤول منطقة البقاع في "حزب الله" ، فوز لوائح التنمية والوفاء في 28…

10 ساعات ago