إسقاط "قانون الفصل" يزعزع حكومة إسرائيل ويتيح الإفراج عن أسرى أمنيين


<p>فشلت الحكومة الإسرائيلية لأول مرة، بتجنيد أكثرية داعمة لقانون طرحته (أ ف ب)</p>
هل يكون إسقاط قانون الفصل العنصري “الأبرتهايد”، كما يسميه الفلسطينيون، أو “قانون الضفة” كما يطلق عليه الإسرائيليون، المسمار الأخير في نعش الحكومة الإسرائيلية، بزعامة رئيس الوزراء نفتالي بينت ووزير الخارجية يائير لبيد؟
هذا هو محور الأجندة السياسية والحزبية في إسرائيل بعد إسقاط القانون، لخطورة تداعياته القانونية والحياتية والسياسية سواء داخل إسرائيل أو في الضفة، خصوصاً في ما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين وشرعنة الاحتلال والمستوطنات.
وفشلت الحكومة لأول مرة، بتجنيد أكثرية داعمة لقانون طرحته، حيث صوّتت ضده أكثرية من 58 نائباً، من بينهم النائبان من أحزاب الائتلاف الحكومي، غيداء ريناوي – زعبي من حزب ميرتس ومازن غنايم من القائمة العربية الموحدة (برئاسة منصور عباس). في المقابل، دعمت القانون أقلية من 52 نائباً من أعضاء كتل الائتلاف، في حين لم يمتنع أي من الحاضرين عن التصويت، وذلك في ظل رفض أحزاب اليمين في المعارضة دعم هذا القانون.
وشكّل إسقاط القانون فشلاً كبيراً للائتلاف الحكومي وأثار خلافات وتصدعات داخل الأحزاب نفسها، بعدما رفض النائب العربي مازن غنايم الامتثال لمطلب رئيس حزبه، منصور عباس ودعم القانون، الأمر الذي يشكل ذروة في سياسة التفرقة العنصرية (الابرتهايد)، حيث أنه يقضي بسريان القانون الإسرائيلي على المستوطنات فيما يتجاهل الفلسطينيين، ويتعامل مع المستوطنين بموجب قوانين مدنية فيما التعامل مع الفلسطينيين في المنطقة نفسها بموجب قوانين عسكرية تعسفية، ما يرسخ الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنات.
منصور عباس وحزبه انسحبوا من التصويت
وقبل عرض القانون على التصويت في الكنيست، انشدت الأنظار نحو القائمة العربية الموحدة، برئاسة منصور عباس، الذي كان يبذل جهوداً كبيرة لاقناع النائب في حزبه مازن غنايم بدعم القانون، بعد اعلان الأخير رفضه لذلك.
كما انشغل قادة احزاب الائتلاف في كيفية ضمان تصويت النائبة غيداء ريناوي، من حزب ميرتس. وعقد وزير الخارجية، يائير لبيد، اجتماعاً خاصاً لاقناعها لكن دون جدوى. كذلك وبعد فشله باقناع النائب في حزبه توجه منصور عباس لاقناع ريناوي لكنه فشل من جديد.
وفي أعقاب معارضة غنايم وريناوي، انسحب نواب “القائمة الموحدة” وحزب “ميرتس” من الجلسة وتغيبوا عن التصويت وامتنعوا عن معارضة القانون.
كما انسحبت عضو الكنيست عن حزب “يمينا” والمنشقة عن الائتلاف، عيديت سيلمان، من الهيئة العامة للكنيست وتغيّبت عن التصويت.
حكومة غير مستقرة
ويشكل فشل القانون ضربةً جديدة لحكومة بينت – لبيد، بينما اعتبر سياسيون أن فشل تمرير القانون يعكس حالةً من العجز لدى الحكومة، وعلى الرغم من عدم التوقع بأن تؤدي هذه التطورات إلى اسقاط الحكومة في الوقت القريب إلا أن عدم استقرارها يشكل خطراً دائماً على استمراريتها.
كما يشكل اسقاط ذلك القانون ضربةً جديدة وقوية ضد بينت الذي كان تلقى في ذات الوقت رسالة استقالة لموظف رابع في مكتبه، وهو المتحدث السياسي، نتان سيدي، الأمر الذي وصفه نواب في الائتلاف الحكومي “بداية انهيار السور الواقي” حوله وحكومته.
أما الوزير جدعون ساعر، الذي أصر على طرح القانون للتصويت، على الرغم من معرفة الائتلاف باحتمال سقوطه، فأعلن أنه “إذا سقط القانون لتمديد الأنظمة التي تطبق القانون الاسرائيلي على الضفة الغربية، فهذا لا يقل عن عملية مضادة كبرى. ليس فقط بالنسبة للمستوطنين في الضفة بل بالنسبة لكل إسرائيل. سقوط القانون سيثبت أن الحكومة غير قادرة على القيام بمهماتها وبالتالي فلن يعود لها حق الوجود”.
لكن ساعر، وبعد اسقاط القانون التزم الصمت وبدأ يعمل بعيداً عن الاضواء على طرحه من جديد مع ضمان أكثرية. وحتى يطرح القانون من جديد، سيحاول الائتلاف الحكومي إحداث ضغط داخل كتلتَي “الموحدة” و”ميرتس”، بل وممارسة ضغط جماهيري، بنية عزل النائبَين الزعبي وغنايم، كما ذكر مسؤول في الائتلاف.
الأسرى الأمنيون الفلسطينيون
يُذكر أنه تم سريان مفعول قانون أنظمة الطوارئ، للمرة الأولى، في العام 1967، ومنذ ذلك الحين يتم تمديده كل خمس سنوات. وبحسب التصويت الأخير في الكنيست، الذي أدى إلى إسقاطه، يُتوقع أن ينتهي في نهاية شهر يونيو (حزيران) الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسيلزم فشل القانون، إسرائيل بتنفيذ الكثير من الخطوات التي تتخذها بموجب القانون، لكن أكثر ما يقلقها هو الإفراج عن 3000 إلى 3500 أسير أمني فلسطيني.
وبعث اعضاء من “حركة الأمنيين”، ومسؤولون كبار في جهاز الأمن برسالة عاجلة إلى وزير الأمن، بيني غانتس، يحذرون فيها من عدم سير مفعول القانون في اليوم الأول من شهر يوليو (تموز) المقبل. وبحسب هذه الرسالة، سيؤدي إلغاء القانون إلى وضعٍ تجد إسرائيل فيه نفسها مع آلاف الأسرى الأمنيين المحررَين، ممَن لن تتمكن من إبقائهم في سجونها، بل سيُنقَلون إلى سجون تابعة للسلطة الفلسطينية. كما حذروا من أنه اذا لم تُقَر أنظمة الطوارئ، وفق القانون، فمن شأن عمل جهاز الأمن العام “الشاباك” أن يتضرر بشكل كبير.
وحسب الرسالة فإن “هؤلاء الأسرى غير معتقَلين بقوة القانون الإسرائيلي بل بقوة الصلاحيات المقررة في أنظمة الأمن. المشكلة في هذا السياق، واضحة: القانون الإسرائيلي يقضي بأنه محظور على السلطات أن تحتجز شخصاً دون سند أو مصدر صلاحية منصوص عليه في قانون الكنيست”.
وفي تحذير من كبار المسؤولين الأمنيين “ستواجه اسرائيل صعوبة كبيرة في ايجاد حل لاستمرار التحقيقات داخل معتقلات قائمة في الضفة، حيث لا يوجد سوى سجن واحد فقط هناك، هو سجن عوفر، وهو غير مناسب لاحتجاز أسرى “من الوزن الثقيل” على حد تعبير المسؤولين “وبالتأكيد لا يوجد مكان لاضافة آلاف آخرين من المعتقلين والسجناء”.
أما الجوانب الأخرى التي سيجري التغيير عليها بعد فشل القانون فهي:
– سيؤثر الوضع الجديد على امكانية محاكمة مستوطنين واسرائيليين يعيشون داخل حدود اسرائيل على مخالفات ارتُكبت في الضفة. حاليا، السياسة المتبَعة في إسرائيل هي أن محاكمة الإسرائيليين في منظومات القضاء المدنية، الموجودة داخل إسرائيل، في حين يُحاكم الفلسطينيون أمام المحاكم العسكرية، التي يسري فيها القانون العسكري. و عند انتهاء سريان الأنظمة لا يمكن للمحاكم في اسرائيل محاكمة إسرائيليين ارتكبوا جرائم في الضفة، وسيحاكَمون في محاكم عسكرية في ظل القانون العسكري.
– هناك عدة فروق بين منظومة القضاء الاسرائيلي ومنظومة القضاء العسكري، اذ يمكّن القانون العسكري من الانتظار 48 ساعة قبل تقديم متهم بمخالفات جنائية أمام قاضٍ، في حين أنه في إسرائيل ينص القانون على فترة انتظار القصوى التي لا تزيد عن 24 ساعة. كذلك في المنظومة العسكرية يمكن لفتى ابن 12 سنة، أن يلقى عقوبةً بالسجن. هذه القوانين تسري الآن فقط على الفلسطينيين. إضافة الى ذلك، إذا انتهى سريان الأنظمة فإن الإسرائيلي الذي سيتم تقديم قضيته أمام المحكمة العسكرية يمكن أن يُسجَن فقط في سجون الضفة.
– كما توجد لهذه الأنظمة تداعيات في كل ما يتعلق باعتبار المستوطنين سكان دائمين في إسرائيل، فمن جهة القانون الإسرائيلي، لا يوجد فعلياً فرق بين اسرائيلي يعيش في نيويورك واسرائيلي يعيش في مستوطنة في الضفة. إذا انتهى سريان الأنظمة فلن تسري بعض الحقوق والواجبات التي تنبع من المواطَنة الإسرائيلية على المستوطنين، كما تفرض الأنظمة قانون سجل السكان وقانون التأمين الصحي وأمر الضرائب، وايضاً القوانين المتعلقة بالوراثة والوصاية على المواطنين الذين يعيشون في الضفة.
– من أجل التصويت في الانتخابات يجب على الإسرائيلي أن يكون له عنوان سكن في البلاد. واذا انتهى مفعول الأنظمة، فإن قانون سجل السكان لا يسري على المستوطنات، نظرياً هذا الأمر سيمنع المواطنين من التصويت. مصادر في وزارة القضاء قالت بأنه سيتم العثور على حل بشأن تصويت المستوطنين في الانتخابات، حتى لو انتهى مفعول الانظمة. وحسب اقوال هذه المصادر سيكون بالامكان اعتبار المستوطنين اسرائيليين يعيشون في الخارج والسماح لهم بالتصويت في صندوق اقتراع عسكري يتم وضعه في الضفة أو الدخول إلى اسرائيل والتصويت داخلها.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com