الإسرائيليون غير متأكدين من صفقة قريبة ولا تنازل عن عودة القتال بعد شهر


<p class="rteright">تظاهرة في تل أبيب تطالب بالإفراج الفوري عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة (أ ب)</p>
استبعد وزراء الكابينت في الحكومة الإسرائيلية، التوصل في غضون أيام إلى صفقة الأسرى، التي بلورتها قمة الرباعية في باريس، في أعقاب هوة في المواقف بين “حماس” وإسرائيل، في ما يتعلق بفترة الهدنة والعودة إلى القتال وكذلك الأسرى الأمنيين الذين تطالب بهم “حماس”.
فبعد ساعات من الإعلان عن نقل اقتراح صفقة الأسرى التي تم التوصل إليها في قمة باريس، إلى قيادة “حماس” في غزة للمصادقة عليها، اجتمع الكابينت ليل الخميس لبحث بنود الصفقة وشروط “حماس”، وخلافاً لاجتماعات سابقة بحثت الصفقة أو أي قرار متعلق في الحرب، لم يلتزم هذه المرة الوزراء الصمت وأسرع بعضهم المرة عن خلافات “جوهرية”، كما وصفها البعض في بنود الصفقة، في الوقت الذي كان يتحدث فيه الإسرائيليون عن احتمال الاتفاق حولها خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل المتوقع أن تبدأ مساء السبت.
ونقل على لسان أحد الوزراء، من دون ذكر اسمه أن: “لا أساس من الصحة للشعور بأن الخطة على الأبواب. الاتفاق لا يزال بعيداً وليس من المؤكد أنه سينفذ”. وأضاف مسؤول آخر: “فرصة التوصل إلى اتفاق ضئيلة جداً وكل حديث عن خطوط عريضة متفق عليها، غير صحيح”.
عراقيل جديدة
واعتبرت جهات إسرائيلية أن هذه التصريحات، التي تصدرت النقاش الإسرائيلي، عراقيل جديدة يضعها متخذو القرار أمام تنفيذ الصفقة. وأعلنت القناة “12”، أن التوقعات بأن ترد “حماس” على الصفقة قريباً، لكن الإشكالية كامنة لدى المجلس الوزاري الذي شهد نقاشاً عاصفاً، وترى الأجهزة الأمنية بأن الوزيرين ميري ريغف وإيتمار بن غفير يسعيان بشكل حثيث لإفشال الصفقة.
غير أنه، وبحسب ما تسرب من الاجتماع تبين أيضاً أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أعلن في ختام اجتماع الكابينت أنه لن يتنازل عن 3 خطوط حمراء في كل ما يتعلق بحرب غزة والصفقة: وقف الحرب وانسحاب الجيش من القطاع والإفراج عن آلاف الأسرى.
ملخص اجتماع الكابينت
– إسرائيل لن توقع على صفقة تشمل وقفاً للنار لأكثر من شهر، والصفقة المطروحة تتحدث عن وقف للنار على الأقل 35 يوماً مع إمكانية أن يستمر لأسبوع آخر، في حال تم التفاوض حول المرحلة الثانية من الصفقة.
– عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع. أما “حماس” فتضع انسحاب الجيش شرطاً أولياً للإفراج عن الأسرى.
– عدم الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين، الذين يطلقون عليهم في إسرائيل اسم “المخربين الملطخة أيديهم بالدماء”، وهم الأسرى الذي يقضون فترة مؤبد وأكثر. كما رفض الكابينت الإفراج عن “مخربين يقضون سنوات لاعتدائهم على إسرائيليين”بحسب تل أبيب، وضمن من ترفض إسرائيل الإفراج عنهم نخبة “حماس” الذين يقبعون في سجن بجنوب إسرائيل في ظروف قاسية جداً، وهم من نفذوا هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
نتنياهو لن يمرر الصفقة
أمنيون وسياسيون وجهوا الاتهام المباشر لعرقلة الصفقة لنتنياهو، وأجمعوا على أنه سيسعى من أجل إحباطها. ونشرت صحيفة “هآرتس” تقول: “رغم تفاؤل الوسطاء، الولايات المتحدة ومصر وقطر، لكن لا يوجد الآن أي يقين بأن الاتصالات ستنتهي بتفاهمات أو حتى بجدول زمني واضح لتنفيذها”، وأضافت “نتنياهو يحاول السيطرة على جميع مراحل هذه العملية، ووفق ما يتبين بشكل واضح فإنه لن يسرع في دفع صفقة لأن خطوة كهذه من شأنها أن تضعه في مسار تصادم مع الجناح اليميني المتطرف في ائتلافه. وهو يتجاهل أن رؤساء جهاز الأمن، الذين أوفدهم إلى باريس، كانوا قد نسقوا مسبقاً مع الوسطاء وأن تفاصيل كثيرة في الصفقة تبلورت بموافقة إسرائيل”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جهات أخرى اعتبرت الجهود التي يقوم بها نتنياهو لعدم تمرير الصفقة “نابعة من أمرين، كونه لا يسعى جاهداً من أجل الثمن الذي يطالب بدفعه في الصفقة فحسب، إنما بالأساس من أجل الثمن الذي سيضطر إلى دفعه في حال تنفيذ الصفقة”.
وترى المحللة السياسية، طال شاليف، أن الشعار الذي يكرره نتنياهو “حتى الانتصار المطلق” في حرب غزة، هو شعار استخدمه رئيس الحكومة كأداة لتحقيق طموحه بعدم تنفيذ الصفقة من خلال استخدامه لصد الضغوط الداخلية والخارجية للتوصل إلى صفقة أخرى ودعم ما يطرحه حول مستقبل غزة.
وأشارت شاليف إلى أن تعهده بـ”الانتصار المطلق”، يمنح الأمل لشركائه المتطرفين في اليمين، الذين يحلمون ويرقصون على وقع إعادة احتلال وإقامة مستوطنات في قطاع غزة، ويشعل من يخشون من أن صفقة لتحرير الأسرى قد تكون خطوة تبشّر بنهاية الحرب، وهو أمر يرفضه نتنياهو ويحظى بدعم له من أمنيين وعسكريين أيضاً.
شدة القتال تقرّب العملية
وزير الأمن، يوآف غالانت، الذي يدعم نظرية الإسرائيليين في هذه الحرب بأن تشديد القتال يساهم في الضغط على “حماس” لتتراجع، اختار أن يتحدث حول الصفقة من الميدان وبين الجنود. وهناك أعرب عن موقف واضح بأن وقف القتال أمر مرفوض في ظل الحاجة إلى تشديد القتال. وبحسب غالانت فإن “العمليات البرية التي ينفذها الجيش في خان يونس تقرب من إعادة المخطوفين في غزة، بل راح يلقي بتعليماته للجنود أنه بعد الانتهاء من العمليات في خان يونس فسيتوجه الجيش إلى منطقة رفح لاستكمال القتال”، وهذا الموقف جاء على رغم ما سبق وأعلنه الإسرائيليون بتوصلهم إلى تفاهمات مع مصر حول معبر رفح وبموجبها لا ينفذ الجيش قتالاً في المنطقة طالما تواجد مدنيون هناك.
ولم يكتف غالانت بهذا وسعى لرفع معنويات جنوده من خلال التهديد بالمزيد من العمليات وقال: “سنواصل هذه العملية، وفي قوة وشدة القتال التي عملنا بها حتى اليوم. عملياتكم وقتالكم أهم مئة مرة من كل الأحاديث التي تدور حولنا. فهي تثمر نتائج، ويحقق هدف الحرب بالقضاء على العدو”.
وفي دعمه لرفض أي شرط لوقف الحرب وصف غالانت الحرب بـ”معركة الحسم القومي” وبحسبه فقد قتل الجيش عشرة آلاف من مسلحي “حماس” وهناك عشرة آلاف آخرين جرحى غير قادرين على القتال، مؤكداً “إنها ضربة تؤدي إلى تآكل قدرات حماس من جميع النواحي”.
رداً على حديث غالانت هذا، كتبت صحيفة “إسرائيل اليوم”، تحت عنوان “تكلموا أقل وافعلوا أكثر” قائلة “الجيش ألحق ضرراً جسيماً بحماس في خان يونس لكن الإنجاز لا يقاس فقط بما دمر بل بما تبقى، في هذا الجانب تدور الحرب ببطء شديد”.
وكتبت الصحيفة تقول: “تباهى الجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع، بأنه قتل المئات من نشطاء حماس وأسر مئات آخرين ونُقلوا إلى التحقيق. دمر بنى تحتية أرضية عديدة وإن كانت القاعدة السارية هنا أيضاً هي ليس ما دمر بل ما تبقى. في هذا الجانب ينبغي الاعتراف: الحرب تجري ببطء، ببطء شديد. معظم البنى التحت أرضية لا تزال فاعلة. ونسبة كبيرة من القوة المقاتلة لحماس لم تصب بأذى، أو أصيبت جزئياً فقط وانتقلت إلى شكل قتالي آخر، وهو حرب العصابات”.
وأوضحت الصحيفة أن “الجيش لم ينجح في تحقيق الأهداف الثلاثة المعلنة للحرب: إعادة الأسرى لدى (حماس)، ضرب قيادة (حماس) وتدمير القدرات العسكرية لها، باستثناء تحقيق جزئي للهدف الأخير، وبشكل محدود. أما الهدف الأول، المتعلق بالأسرى فما زال بعيداً عن التحقيق مع أن الاتصالات تجري في محاولة لتنفيذ صفقة طوال الوقت لكن القرارات الصعبة لا تزال أمامنا”، وأضافت “الصفقة المقترحة ستكون عسيرة على الهضم من حيث عدد السجناء الذين ستحررهم إسرائيل، مدة وقف النار، وحقيقة أن بعدها أيضاً سيبقى معظم الأسرى في غزة”.
أما الهدف الثاني حول قيادة “حماس” فوصفته الصحيفة بـ”المحبط لآمال الإسرائيليين”، “إذ اعترف مصدر رفيع المستوى بأنه كان مقتنعاً في هذا الوقت، بعد أربعة أشهر من الحرب، أن إسرائيل ستصفي اثنين أو ثلاثة على الأقل من مسؤولي المنظمة. أما عملياً فهي لم تقتل أي منهم. يحيى السنوار، محمد ضيف ومروان عيسى وعدة مسؤولين كبار آخرين يواصلون العمل وقيادة الحركة، حتى وإن كان أصعب عليهم بسبب مشاكل الاتصال والسرية إلا أن حكمهم بقي غير مضعضع. صحيح أن إسرائيل قتلت عشرات القادة في المستويات الوسطى من قيادات الكتائب والسرايا لكن الضربة لمن هم أكبر منهم صغيرة جداً وتدل على أنه في السباق الذي أداره الطرفان عشية الحرب (حماس) كانت يدها هي الأعلى وبوضوح”.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com