أخبار محلية

الحريري لن يتراجع… هل تقع المقاطعة السنّية الكبرى؟

رضوان عقيل

 

في أيّ قلم اقتراع للناخبين السنّة في الداخل والخارج، وفي لحظة دخولهم للانتخاب، لن تغيب عن أذهانهم صورة الرئيس #سعد الحريري قبل ان يبتّ أيّ منهم الخيار الذي سيتخذه والصوت التفضيلي الذي سيمنحه لمرشحه المحظوظ. ولم تظهر تلك الكثافة من المشاركة في ارقام المقترعين من ابناء بيروت وطرابلس وصيدا المسجلين في الخارج، في دلالة الى تمسك الشريحة الكبرى منهم بـ”تيار المستقبل” الذي سيبقى متصدراً المشهد السني، وهذا ما ستظهره مراكز الاقتراع في الطريق الجديدة ومناطق اخرى في بيروت الثانية في اليوم الكبير الاحد المقبل، حيث لم تستطع اللوائح البديلة وفي مقدمها “بيروت تواجه” جذب القواعد السنية. ولا تنفك ماكينات هذه اللوائح ومفاتيحها التي يعمل اكثرها على شكل مندوبي شركات يروّجون للمرشحين ويسوّقون بالطبع لمن يدفع لهم اكثر في لعبة مكشوفة وفاضحة. واذا كانت الاحزاب الكبرى قادرة على ادارة ماكيناتها بانتظام، فان اللوائح المنافسة تعاني جملة من المشكلات، خصوصاً في بيروت الثانية التي لم تبخل في منح الجزء الاكبر من اصواتها للرئيس رفيق الحريري ومن بعده لابنه الذي لا يزال يمسك بالطيف الاكبر من توجهات الناخبين السنّة.

 

وانشغل البيروتيون وغيرهم في اليومين الاخيرين على مستوى نخبهم وقواعدهم بأخبار تجرى تناقلها على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن عودة الحريري الى بيروت قبل 15 أيار، الامر الذي لا يؤكده أفراد من الحلقة الضيقة التي تلتقي وتتواصل مع الحريري في أبو ظبي. وبعد المواقف التي صدرت في جريدة “عكاظ” أصبح من الصعب عودة الرجل في هذا التوقيت. وتبين للجهات التي كانت تعترض على اداء الحريري ان المفتاح الانتخابي الاول عند السنّة لا يزال في حوزته، وهذا ما ثبت للجميع ولكل من يعنيهم الامر في الداخل والخارج. ومن غير المستغرب ان يكون الرئيس نبيه بري أول من استدرك او لمس توجه الرياح السنية حيال الحريري حيث لم تنقطع الاتصالات بين الرجلين، في وقت لم يسمع كثيرون من الذين يغازلون الحريري عبارة “مرحبا” منه طوال الاشهر الاخيرة. ولذلك تستغرب جهات متابعة رغم كل ما اتخذه الحريري من خيارات موجعة ليس أقلها الابتعاد عن مجلس النواب وقبوله بعدم ترشيح اي كوادر من “تيار المستقبل” ونوابه وتحميله مسؤولية دعم الرئيس ميشال عون في وصوله الى الرئاسة الاولى بعدما سبقه الدكتور سمير جعجع الى هذا الخيار، الاتهامات التي توجَّه الى الحريري بأنه لم يقف كما يجب في وجه “حزب الله”، وكان رده على الدوام أنه لن يسير بالفتنة وسيتصدى لها حتى لو كلفه هذا الامر التفريط بتكتله النيابي.

 

وبعدما قررعدم المشاركة في الانتخابات يتلقى اليوم وقبل اسبوع من موعد انتخابات المقيمين سيلاً من الدعوات تطالبه بدفع جمهوره نحو الاقتراع للوائح لم يكن له رأي فيها وتضم وجوهاً معادية، وبعضها يضم مرشحين لا يلتقون مع توجهات “التيار الازرق” الذي يبدو انه لن يرفع رايات الاستسلام لأي جهة حتى لو وصل الامر بقواعده الى المقاطعة. ولا يخفي قريبون حقيقيون من الحريري انه لو اقدم على اي تبديل في موقفه لخسر كل رصيده عند أهل السنّة الذين يجري التباكي عليهم من اكثر من جهة، مع اطلاق دعوات يومية لدفعهم الى أوسع مشاركة بعدما ثبت للجميع ان الحريري هو من يملك خيارات تمثيلهم. وهذا ما لمسته واشنطن وباريس. واذا كانت هناك جهات في الخارج لا تؤيد خيارات الحريري ولم تكتف بعزوفه، فان الاميركيين يسجلون له المكانة التي يحتلها على رأس المكون السني الذي تتنازعه اليوم جملة من المشكلات، رغم كل الانتكاسات التي مُني بها والصدمات التي تلقّاها بصدره من الاقربين والتي كان وقعها عليه أشد قسوة من الابعدين. ولو قُدّر للحريري ان يكشف حقيقة ما قاله له بري قبيل عزوفه، لجرى الكشف عن الكثير من الحقائق المستورة. ويعرف “حزب الله” انه حتى لو وصل نواب سنّة من حلقة اصدقائه فانهم لن يستطيعوا ملء الموقع الذي يحتله الحريري.

 

في غضون ذلك، تقول المصادر انه من غير المتوقع ان يقدم الحريري على الطلب من ناخبيه الاقتراع لمرشحي أي لائحة ومدّهم بالاصوات السنية على غرار 2018، ولن يفعل هذا الامر حتى مع لائحة السنيورة، وان قواعده لا تبدي الحماسة المطلوبة للمشاركة في الاقتراع. ولكل هذه الاعتبارات والضغوط التي تمارَس على هذا المكون، فان المقاطعة السنية قد تقع وبنسبة كبيرة عند ناخبي هذا المكون الذين يقولون ان زعامة الحريري لا تزال راسخة، واذا كانت لديهم ملاحظات على القرارات والخيارات التي اتخذها فهم لا يريدون في الوقت نفسه الاقتصاص منه وان يحاسبه الآخرون.

 

 

Radwan.aakil@annahar.com.lb

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى