أخبار محلية

الكشك البلدي “قوت الفقراء”

 

عيسى يحيى

تحافظ النسوة في البقاع الشمالي على امتداد قراه وبلداته، على عاداتهّن وتقاليدهنّ التي تعود إلى الزمن الجميل، يوم كانت الخيرات تعمّ المنازل، وتتشارك العائلات الأكل والشرب، وتتعاون في إنجاز المهمّات التي كانت عاملاً أساسياً في توثيق الصلات بين الناس وتمدّ جسور المحبة.

ملازماً لكل منزلٍ بقاعي وأشبه بتقليدٍ سنوي، بات «الكشك البلدي» في بعلبك الهرمل. لا تدثره حداثة، ولا تعوّض مذاقه أطعمةٌ أخرى، ولا يهمل ويترك بفعل غلاء الأسعار التي ترتفع عاماً بعد آخر، يرافق أهالي المنطقة عند كل عاصفة ثلجية. والمتعارف عليه أنّ وجبة الفطور الرئيسية عند تساقط الثلج ستكون «كشك بقورما»، فتنتشر الروائح الذكية في الأزقة وبين المنازل، وينهمك الجيران في «عزومة» بعضهم على الطبق المفضّل عندهم.

من أوائل شهر أيار حتى منتصف أيلول تنهمك أغلب النسوة في تحضير وإعداد الكشك البلدي، ويتساعدن على تنفيذ المهمة التي تحتاج من أسبوعٍ إلى عشرة أيام، ليصبح بعدها جاهزاً للأكل بارداً ومطبوخاً. فهو قوت الفقراء كما يحلو للكثيرين تسميته، لا يخلو منزلٌ منه، يُحفظ في «خوابٍ» من الفخار حتى يحافظ على نكهته البقاعية المشهورة.

لا تقل عن عشرة ملايين ليرة لبنانية تكلفة عشرة كيلو من الكشك، وفق ما تقول الخمسينية سعاد لـ»نداء الوطن»، فلها باع طويل في اعداده، وقد تعلّمت أصول وفنّ تحضيره من والدتها، وتشير إلى أنّ «أسعار المواد الأولية هذا العام بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، زادت عن العام الماضي ثلاثة أضعاف، فكيلو البرغل اليوم ثمنه مئة ألف ليرة لبنانية، وثمن «جرّة» الحليب بلغ مليوناً وخمسمئة ألف، وهو قابل للزيادة كل أسبوع بسبب تراجع الكميّات لدى الباعة، ناهيك عن أجرة «الكسر» و»الطحن»». وتضيف أنّ غالبية نساء المنطقة كنّ ولا زلن يعتمدن على بيع المونة الشتوية، ويحقّقن منها مردوداً لهنّ ولعائلاتهن، وفي وقت كان ثمن الكيلو قبل الأزمة 50 دولاراً، أصبح اليوم مليوناً ونصف المليون ليرة لبنانية.

أما بالنسبة لتحضيره فتشرح أنّ البداية تكون مع غسل البرغل جيداً ثم نشره تحت أشعة الشمس كي ينشف جيداً، بعدها نقوم بشراء حليب الماعز ونضعه في خوابٍ مخصّصة، فيما تفضّل بعض النسوة شراء حليب البقر، وبعد نضوج الحليب نقوم بسكبه على البرغل، ونستمر باضافة الحليب حتى يتوقف البرغل عن امتصاصه. بعدها يتم أخذه إلى المطحنة كمرحلة أولى، نطحنه ونعيده إلى المنزل، ونبدأ يومياً باضافة الحليب أو اللبن لمرتين أو ثلاث في اليوم، وذلك بحسب حالة الطقس، فكلما كان الطقس حاراً كانت المرات أكثر، وقد نضطر للاستيقاظ منتصف الليل للعمل. وبعد أسبوع وأكثر، نضع الكشك الأخضر على سطح المنزل فوق قماش أبيض، ونقوم بتقليبه وتقطيعه حتى يصبح جاهزاً للطحن، بعدها ننقله إلى المطحنة، نطحنه ونعيده إلى السطح ليوم واحد حتى يصبح يابساً. وبعدها نضعه في خواب فخارية ونكتنزه للشتاء لنستمتع به كوجبة رئيسية شبه يومية على الفطور وأحياناً على العشاء…
نداء الوطن

Mariam Berri

Recent Posts

وفد نادي التضامن صور يزور الرئيس نبيه بري: تكريم لدعمه الرياضي وتأكيد على دور صور في المقاومة والتنمية

قام وفد من نادي التضامن صور بزيارة إلى دولة الرئيس نبيه بري، راعي الرياضة وقائد…

أسبوعين ago

تزامنا مع العاصفة الرملية المرتقبة..الدفاع المدني يوجّه تحذيراً وتنبيهاً هاماً مع تعليمات لتفادي المخاطر

حذرت المديرية العامة للدفاع المدني المواطنين من مغبة إشعال النيران في المناطق الحرجية أو المحاذية…

3 أسابيع ago

من هو المستهدف في غارة بعورتا صباح اليوم؟ (صورة)

استشهد صباح اليوم الشيخ حسين عزات عطوي، من بلدة الهبارية – قضاء حاصبيا مرجعيون، في…

3 أسابيع ago

الجيش يودّع شهداء الواجب الثلاثة بمراسم مهيبة في مستشفى الشيخ راغب حرب

اقيمت قبل ظهر اليوم، مراسم تكريمية ووداعية في باحة مستشفى الشيخ راغب حرب في تول…

3 أسابيع ago

تقرير يكشف أسرار الحرب: كيف استخدمت إسرائيل أمنها واستخباراتها ضد حزب الله؟

نشر موقع “الخنادق” المعنيّ بالدراسات الإستراتيجية والأمنية تقريراً جديداً تحدّث فيه عن الجوانب الأمنية والاستخباراتية…

4 أسابيع ago

فئة الـ 500 ألف ليرة قريبا في الأسواق

عاد الحديث مُجددا عن إمكانية طباعة أوراق نقدية من فئات جديدة بالليرة اللبنانية وذلك بعد…

شهر واحد ago