انطلاق محادثات جدة بمشاركة دولية واسعة


<p>ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مصافحاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء القمة العربية بجدة في مايو الماضي (أ ف ب)</p>
انطلقت ظهر اليوم السبت في السعودية محادثات حول الحرب في أوكرانيا تستضيفها مدينة جدة الساحلية بمشاركة نحو 40 دولة في مسعى سياسي جديد للمملكة التي ترغب في لعب دور دبلوماسي على الساحة الدولية.
ورأى مراقبون أن مشاورات جدة تختلف كلياً عن النسخة الأولى التي استضافتها العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، بخاصة أنها تضم أطرافاً حليفة لموسكو التي تغيب عن المحادثات اليوم، فيما كانت الاجتماعات التي جرت في حزيران (يونيو) الماضي تبدو على شكل حشد أوروبي حليف لكييف.
وتعتبر أوكرانيا المشاورات التي تجري في جدة صعبة بالنظر إلى التباينات بين الدول المشاركة فيها.
وبحسب جدول أعمال المحادثات التي قالت وكالة الصحافة الفرنسية إنها اطلعت عليه، من المفترض أن تتضمن الجلسات ثلاث ساعات مخصصة للبيانات من مختلف الوفود، ثم عقد اجتماعات مغلقة لمدة ساعتين، وأخيراً عشاء عمل.
وقال رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك أمس الجمعة قبل وصوله إلى جدة لترؤس وفد بلاده، “أتوقع ألا تكون المحادثات سهلة”، مضيفاً “لدينا خلافات كثيرة وسمعنا مواقف كثيرة، لكن من المهم أن نشارك أفكارنا”، وتابع “مهمتنا هي توحيد العالم كله حول أوكرانيا”.
وبدأت روسيا حربها على أوكرانيا في الـ24 من شباط (فبراير) 2022 وفشلت في محاولتها الاستيلاء على العاصمة، لكنها سيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي شرقاً، فيما تقاتل القوات الأوكرانية المدعومة من الغرب لاستعادتها.
10 نقاط للسلام
وأفاد مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا الأسبوع بأن الاجتماعات في جدة ستركز على صيغة للسلام مكونة من 10 نقاط تدعو إلى الانسحاب الكامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
كما تطالب بالعودة لحدود أوكرانيا السابقة، بما في ذلك أراضي شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014، وقالت موسكو التي لا تشارك في اجتماعات جدة إن أي مفاوضات يجب أن تأخذ في الحسبان “الحقائق الإقليمية الجديدة”.
وبحسب مسؤول كبير في البيت الأبيض، فإن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يترأس وفد واشنطن إلى جدة وفي حين أن واشنطن لا تتوقع حدوث انفراجة كبيرة أو بيانات مشتركة، أوضح دبلوماسيون لوكالة الصحافة الفرنسية أن “الاجتماعات تهدف إلى إشراك مجموعة من الدول في نقاشات حول الطريق نحو السلام، لا سيما أعضاء كتلة ’بريكس‘ مع روسيا التي تبنت موقفاً أكثر حياداً في شأن الحرب على عكس القوى الغربية”.
من جهتها، تشارك الصين في محادثات جدة من خلال مبعوثها إلى أوكرانيا لي هوي وأبدت بكين تصميمها على “مواصلة أداء دور بناء من أجل تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية”.
كما أرسلت الهند وجنوب أفريقيا مسؤولين إلى جدة، في حين قالت وسائل إعلام برازيلية إن المستشار الخاص للشؤون الدولية للرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، تسيلسو أموريم، سيشارك عبر الفيديو.
الأمن الغذائي
ورحّب زيلينسكي أمس بمحادثات جدة وكذلك فعلت البلدان النامية التي تضررت بشدة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الذي أحدثته الحرب، وقال الرئيس الأوكراني “هذا مهم للغاية لأنه في قضايا مثل الأمن الغذائي، يعتمد مصير ملايين الأشخاص في أفريقيا وآسيا وأجزاء أخرى من العالم بشكل مباشر على مدى سرعة تحرك العالم لتحريك مسار السلام”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من ناحية ثانية تبرز اجتماعات جدة “استعداد المملكة للقيام بمساعيها الحميدة للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم”، حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية (واس) مساء أمس.
ويرى الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام عمر كريم أن الرياض تبنّت “استراتيجية توازن كلاسيكية” يمكن أن تخفف من وطأة أي موقف روسي مناهض لاجتماعات جدة.
وتستند السعودية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، إلى علاقاتها مع الجانبين الأوكراني والروسي في السعي إلى أداء دور وسيط في الحرب التي مضى عليها الآن ما يقرب من عام ونصف العام. ويتماشى ذلك مع خطوات دبلوماسية إقليمية شهدت أخيراً العمل على إصلاح الخلافات مع قطر وتركيا ثم إيران وسوريا.
وفي أيار (مايو) الماضي، استضافت المملكة زيلينسكي في قمة جامعة الدول العربية في جدة، حيث اتهم الرئيس الأوكراني بعض القادة العرب بـ”غض الطرف” عن أهوال الحرب الروسية.
وقال مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد “مجموعة الأزمات الدولية” جوست هيلترمان إنه “من خلال استضافتها للاجتماع (حول أوكرانيا)، تريد السعودية تعزيز محاولتها لتصبح قوة وسيطة عالمية لديها القدرة على التوسط في النزاعات”، وأضاف أن الرياض “تريد أن تكون في الخندق ذاته مع الهند أو البرازيل لأنه إذا عملت هذه القوى الوسيطة كفريق فيمكن أن تأمل في أن يكون لها تأثير في المسرح العالمي كقادة لحركة عدم الانحياز المتجددة”.
من جهته، رأى الباحث السعودي علي الشهابي أن “هذه المحادثات هي مثال رئيس على نجاح استراتيجية السعودية المتعددة الأقطاب في الحفاظ على علاقات قوية مع أوكرانيا وروسيا والصين”.
وساطة سعودية
يذكر أن الرياض لعبت دور الوساطة في عملية كبيرة لتبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا في سبتمبر (أيلول) الماضي وتسعى إلى مواصلة جهودها في حل الأزمة، وفي مايو (أيار) الماضي حضر الرئيس الأوكراني قمة لجامعة الدول العربية استضافتها مدينة جدة، وعبر حينها ولي العهد السعودي عن استعداده للتوسط في إنهاء الحرب.
وضمن تعليق لمسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي أوردته “رويترز” أمس عن الدور الذي تلعبه الرياض، قال إنها “وصلت إلى مناطق من العالم لا يمكن لحلفاء أوكرانيا القدامى الوصول إليها بهذه السهولة”.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com