بعد السخرية من حليب الحمير يلقى رواجاً في الأردن…

ينطبق على مشروع لإنتاج الصابون من لبن الحمير مقولة الزعيم الروحي الهندي غاندي: في البداية يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر!، بعد أن تهافت زبائن على شراء صابون حليب الحمير الخالي من المواد الكيميائية والمُصنّع في مشروع هو الأوّل من نوعه في الأردن وفي الشرق الأوسط، أملاً منهم أن يحمل لهم حلاً سحرياً لمشاكل بشرتهم بعد أشهر على استهزاء بعضهم بالمكّون الأساسي لهذا الصابون.
في مزرعة صغيرة في محافظة مادبا جنوب غرب عمّان، يتمايل 12 حماراً يومياً بانتظار أن يُنقل حليب الأتان المأخوذ منها إلى مشغل صغير في عمّان ليصنع منه الصابون.
ويقول عماد عطيات (32 عاماً)، وهو شريك مؤسس في مشروع «إنتاج صابون الأتان»: «في البداية، سخر كثيرون واستهزأوا بالفكرة وقالوا (لم يبقَ إلا الحمار لتحلبوه؟) أو من الجنون أن أضع على جسمي شيئاً له علاقة بالحمار»
ويضيف الشاب الذي يقف إلى جانب الحظيرة المصنّعة من مواد معاد تدويرها تضم حاوية شحن حديدية كبيرة زرقاء: «الموضوع اختلف» بعد أن وزّع المشروع 160 قطعة صابون مجانية لتجربتها. بعد ذلك، أصبحت الطلبات «تتجاوز 4500 قطعة صابون شهرياً».
بعد وجبة إفطار من الأعلاف والخضراوات، تُحلب الأتان بواسطة جهاز إلكتروني ويسحب منها لتر واحد فقط في اليوم على دفعات، فيما يُترك لتر آخر لتُطعم صغيرها. ويُخزّن الحليب في غرفة تبريد في المزرعة، على أن تُنقل كميات منه كل 3 أيام إلى المصنع في عمان.
ويصلح كلّ لتر حليب أتان لإنتاج 30 قطعة صابون، ويُمزج معه زيت الزيتون وزيت اللوز وزيت جوز الهند وزبدة الشيا.
وتشير صاحبة فكرة المشروع سلمى الزعبي، وهي تخلط المكونات في وعاء معدني كبير، إلى أن «هذا منتج موجود في دول أخرى في العالم»، أي أنه ليس ابتكاراً أردنياً بحتاً، غير أنّ فكرة أن يكون المنتج «أردنياً 100% مع جميع مكونات الإنتاج من الأردن» استهوتها مع شركائها لتأسيس المشروع.
وتُضيف وهي ترتدي قفازات وملابس خاصة للحفاظ على النظافة والتعقيم، أن الفكرة خطرت لها بعد معرفتها «بأهمية وفوائد حليب الأتان».
وتلفت الناشطة البيئية والمعلمة المتقاعدة إلى أن بعض الأبحاث تغوص حالياً في إمكانية مساهمة حليب الأتان في «تجديد خلايا البشرة وتخفيف معالم الشيخوخة» والمساعدة على «الشفاء من بعض الأمراض الجلدية مثل الأكزيما وتوحيد لون البشرة».
ويساهم صابون حليب الأتان في تحقيق توازن في درجة الرطوبة في الجلد، وفي إزالة آثار البقع وحب الشباب والتجاعيد، بسبب احتوائه على «البروتينات والعناصر المعدنية بما في ذلك المغنيسيوم والنحاس والصوديوم والمنغنيز والزنك والكالسيوم والحديد»، وهي «مهمة جداً للبشرة»، بحسب إخصائية التغذية من مركز «ريفيفا» للتجميل في عمان سوزانا حداد.
وتؤكّد حداد أن حليب الحمار «يحتوي على نسب منخفضة من الكازين (بروتين بطيء الهضم قابل للتخثر)»، وعلى «نسب أعلى من مصل اللبن الذي يتميز بخصائص مضادة للميكروبات ومركبات يمكن أن تمنع نمو الفيروسات والبكتيريا
وهو غني ببروتينات تجتذب الماء، لذلك هو مرطب جيد للبشرة، ويحتوي مضادات أكسدة تحمي الخلايا من أضرار أشعة الشمس.
وتقول المحامية إسراء الترك (48 عاماً) إنها تحرص على استخدام صابون حليب الأتان باستمرار كونها «ناشطة في مجال البيئة» وشغوفة «في البحث عن مثل هذه المنتجات الطبيعية».
وتضيف، مبتسمةً «أهتمّ ببشرتي، ولا أضع مساحيق التجميل كلّ الوقت كوني محجّبة (…) وأصبحت أجرؤ على الخروج أكثر من المنزل دون مساحيق التجميل منذ أن بدأت أستخدم هذا الصابون».