أخبار عالمية

بوتين لبايدن : سوريا خط أحمر

هكذا كتب أوليفييه روا لدى ظهور الوجه الآخر لفلاديمير بوتين “لقد جعلتنا وكالة الاستخبارات المركزية نظن , كأوروبيين , أن الرجل الآتي من الغرف الباردة (الـKGB مجرد ظل باهت لبوريس يلتسين . الرئيس الروسي الأقرب ما يكون الى برميل الفودكا وهو يتدحرج أمام الملأ” .
هذا الى “أن كانت المفاجأة أمام تلك الشخصية المركبة من بطرس الأكبر , وايفان الرهيب , وربما جوزف ستالين أيضاً . حقاً انه يمتلك كل مواصفات القيصر …” .
عالم السياسة الفرنسي تحدث عن هشاشة يلتسين , وكان بمثابة الدمية بين يدي ابنته تتيانا , عشيقة نائب رئيس مجلس الوزراء (اليهودي) نيكولا تشوباييس , حتى أنه مازح ميخائيل خودوركوفسكي , الملياردير اليهودي , بالسؤال “ما رأيك بتحويل الكرملين الى كازينو ؟” .
يبدو أن الفكرة كانت قد ساورت هذا الأخير الذي أجاب على الفور أن الأميركيين “مستعدون لتقديم جزيرة هاواي هدية لك اذا ما فعلت ذلك” , قبل أن يستدرك “شخصياً , أفضل تحويله الى كنيس” !
منذ أن تم تحديد موعد القمة الأميركية ـ الروسية في جنيف , ومستشارو البيت الأبيض يعكفون على التنقيب عن التفاصيل اللامرئية في شخصية الرئيس الروسي . وكان غراهام فوللر , المحلل السابق لدى الـ”سي . آي . اي” , قد رأى فيه “الرجل الصعب المراس” , وهو الذي تمكن من تفكيك الشبكة التي أقامها حوله حاخامات المال اليهود .
هؤلاء الذين أعدوا للاستيلاء على السلطة , عرف بوتين كيف يشتتهم , وزج بخودوركوفسكي في السجن , بعدما ابتاعوا المؤسسات الصناعية بأثمان زهيدة وخططوا لوضع اليد على الترسانة النووية , وعلى الترسانة الصاروخية .
اذاً , لقد حدث اللقاء بين الجبلين . الاثنان أعدا , بمنتهى الدقة للساعات الكبرى . مناخ اللقاء جعل المحادثات تبدو أقل تعقيداً (وأقل هولاً) . هاجسان ضاغطان كانا يلاحقان جو بايدن : الأول , أن يظهر بمواقف أكثر تشدداً من مواقف الرئيس السابق في التعاطي مع الكرملين . الثاني , أن يجعل شريكه في المحادثات يستنتج أنه يريد التعاون معه . التعاون المتعدد الأشكال , ضد التنين .
بوتين كان يدرك ذلك جيداً . ربما ألمح اثناء المحادثات الى أن من مصلحة الولايات المتحدة الانفتاح على جين شينبينغ , والابتعاد عن ديناميات الصدام لأن أميركا تتراجع في كل العالم , والصين تتقدم في كل العالم .
الكل في واشنطن وفي موسكو , اذ يعلمون أن تطبيع العلاقات بين البلدين يحتاج الى الكثير من الوقت , كما الى الكثير من النوايا الطيبة , يقرون بأنهم لم يكونوا يتوقعون أن يسود الوئام , والى هذه الدرجة , محادثات جنيف .
لمن يعود الفضل في ذلك ؟ الاثنان يدركان أن المضي في توتير العلاقات يجعل من أي تفاهم , حول أي قضية , شبه مستحيل , وهو ما يحول دون كل من البلدين وبلورة رؤية استراتيجية , أو ديبلوماسية , واضحة للتعاطي مع ذلك الركام من الأزمات .
الأميركيون يريدون التفوق في المجال الجيوستراتيجي . الروس لا يعارضون هذا “التقليد” القديم , والذي يهتز بقوة أمام المتغيرات , لتأتي الكورونا وتكشف كم أن الصراعات تجعل الكوكب أكثر قابلية للسقوط , ان لم يكن أكثر قابلية للانفجار …
الولايات المتحدة تنتقل من مأزق الى مأزق . هذا لا يعني أن باستطاعة روسيا أن تحل محلها . هنا تبرز الحاجة “الفلسفية” الى التعاون كخيار الوحيد لوقف تدهور العالم .
ريتشارد هاس قال “ان مشكلتنا هي في الاعتماد , أكثر مما ينبغي , على حجارة الشطرنج . بعض الحلفاء في القارة العجوز باتوا يشككون بأخلاقيتنا , والى حد اتهامنا بالزبائنية التي كرسها دونالد ترامب على ذلك النحو المقيت” . ألم يلجأ الرجل الى بهلوانيات رجب طيب أردوغان , والى الاستخدام التكتيكي لأصحاب الايديولوجيات المجنونة من أجل تدمير سوريا ؟
مصدر ديبلوماسي موثوق أكد لنا أن بوتين ابلغ بايدن بأن سوريا خط أحمر , ولا مجال لاستخدامها , من قبل اي طرف , على ذلك النحو العبثي , كورقة تكتيكية , أو كورقة استراتيجية , في أي لعبة أمبراطورية أو قبلية .
الاثنان كادا يخرجان من قصر لاغرانج الرائع يداً بيد بعدما لوحظ أنهما تجاوزا قيود الكورونا وتصافحا!!

 

الكاتب: نبيه البرجي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى