بيان مجلس الأمن يحتم على بغداد التحرك ضد مَن حاول اغتيال الكاظمي


<p>مناصرون لـ"الحشد الشعبي" ينصبون خيماً خارج المنطقة الخضراء في 12 نوفمبر الحالي (أ ف ب)</p>
يبدو أن بيان مجلس الأمن الدولي الذي صدر إثر محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، قد فتح الباب واسعاً أمام تكهنات بشأن كيفية التعامل مع هذا الملف الحساس والإجراءات التي ستُتخذ ضد الجماعات المسلحة المنفِّذة والكيانات السياسية التي تقف معها، سواء كانت محلية أو إقليمية.
ومن دون شك، فإن الهدوء الحذر الذي تشهده العملية السياسية في العراق منذ محاولة اغتيال الكاظمي وزيارة قائد “فيلق القدس” إسماعيل قاآني القصيرة إلى بغداد وما تسرّب عنها من مصادر حكومية رفيعة، حول ضرورة الإسراع بالقبض على الفاعلين وعدم تدويل القضية، يشير إلى وجود مخاوف لدى طهران وحلفائها من محاولة تدويل هذا الملف والآثار السلبية الناجمة عنه على نفوذها داخل العراق.
وصرح المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، اللواء يحيى رسول الزيدي، “أن القيادة حددت أماكن انطلاق الطائرات الثلاث التي اشتركت في العملية من منطقة شمال شرقي العاصمة، وهي تجمع المعلومات للوصول إلى الجهة المنفذة”، مبيّناً أنها انطلقت من منطقة الكريعات، شمال بغداد.
طهران الرسمية
في المقابل، صرح السفير الإيراني في العراق ايرج مسجدي إلى وسائل إعلام أن بلاده تدين محاولة اغتيال الكاظمي وستساعد في الكشف عن منفذيها. وأضاف أن قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” إسماعيل قاآني زار بغداد والتقى أطرافاً عراقية، ودعا الجميع إلى التهدئة والتعاون من أجل حل مشاكل البلاد، مبيناً أن قاآني “أكد على ضرورة احترام نتائج الانتخابات البرلمانية التي ستعلن عنها مفوضية الانتخابات”.
لن يتم لملمة الموضوع
وتبدو المخاوف حاضرة لدى الجماعات الشيعية العراقية الحليفة لإيران والتي دعت إلى ضرورة التحقيق بشكل جدي في القضية وكشف منفذيها، على الرغم من تهديد بعضها للكاظمي بتصريحات متلفزة قبل ساعات من تعرّض منزله للهجوم.
ودعا زعيم “تحالف الفتح” هادي العامري إلى إجراء تحقيق جدي في محاولة الاغتيال و”محاسبة المتورطين فيها كونها تهدد الأمن الوطني العراقي”. وأضاف العامري أن “محاولة لملمة الموضوع والسكوت عن الجهات المنفذة، أمر لن يُطبّق في هذه القضية.
التدخل الدولي متوقع
من جانب آخر، قال مدير “مركز العراق للدراسات الاستراتيجية” غازي فيصل أنه “من الممكن أن تتدخل الولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي في العراق بعد استهداف رئيس الوزراء لكبح جماح الجماعات المسلحة”. وأضاف أن “تهديد واشنطن بالرد القوي لا يعني أن الرد سيكون عسكرياً وإنما قد يكون سياسياً أو اقتصادياً”، مبيناً أن “طبيعة الرد تحدده الولايات المتحدة لأنها اعتبرت الهجوم على منزل الكاظمي بمثابة اعتداء إرهابي”.
وكان كينيث مافيني، قائد القيادة العسكرية المركزية الأميركية، اتهم ميليشيات إيرانية بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، معرباً عن انزعاج الولايات المتحدة مما وصفه بـ”الهجوم الارهابي”.
كذلك أدان أعضاء مجلس الأمن الدولي محاولة اغتيال الكاظمي، وجدد الأعضاء دعمهم “مستقبل العراق وسيادته ووحدة وسلامة أراضيه والعملية الديمقراطية”، وعبروا عن ارتياحهم “لعدم إصابة رئيس الوزراء العراقي خلال الهجوم”، مؤكدين أن “الإرهاب بجميع اشكاله يشكل أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليَين”.
عقوبات اقتصادية
كذلك لفت فيصل إلى أن “طبيعة التهديدات التي تقوم بهذا هذه الجماعة للمنطقة والدول الإقليمية ودول الخليج هي مَن يحدد ما ستتخذه الولايات المتحدة أو مجلس الأمن الدولي من قرارات بشأن الوضع العراقي”، مرجحاً “اتخاذ عقوبات اقتصادية أو دبلوماسية سياسية أو عقوبات دولية باعتبارها منظمة إرهابية ويتم ملاحقة أعضاءها”.
طلب بغداد
وبين المتحدّث ذاته أن “الاتفاقية التي وقعها العراق مع الولايات المتحدة في عام 2008 وسُميت بالاتفاقية الاستراتيجية هي التي تحدد أطر التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية”، مشيراً إلى أنه “من الممكن أن تتدخل واشنطن وفق حاجة الحكومة العراقية وقد يكون التدخل بالمجال الاستخباري أو في المجال العسكري إذا طلبت الحكومة ذلك”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد أن “لدى العراق أكثر من مليون جندي، إلا أن رئيس الوزراء لا يميل إلى اعتماد الحلول العسكرية وهو يبحث عن حلول سلمية سياسية والحوار مع هذه القوى من أجل تجنّب حرب أهلية دموية”.
التدويل بعيد
بدوره، استبعد رئيس “مركز كلواذا للدراسات والأبحاث” باسل حسين أن “تتحول قضية استهداف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى التدويل ما لم يطالب العراق بذلك”. وقال حسين إنه “من الصعوبة بمكان تحول قضية استهداف مصطفى إلى التدويل لأنه يعتمد على ثلاثة احتمالات، إما أن يطلب العراق عبر حكومته رسمياً من مجلس الأمن، مناقشة قضية الاستهداف، وإما أن تطلب دولة أو مجموعة أعضاء في مجلس الأمن ذلك، والاحتمالان بعيدان لاسيما مع عدم سقوط ضحايا”. وأضاف حسين أن “مهمة تقديم الجناة إلى العدالة تقع على عاتق الحكومة والسلطة القضائية العراقية، وأقصى ما يمكن توقعه هو أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات على أشخاص ومنظمات تعدها مسؤولة عن هذا العمل الإرهابي”.
بغداد ملزمة باتخاذ اجراءات
في السياق، رأى الخبير القانوني طارق حرب أن “بيان مجلس الأمن الأخير بشأن اغتيال الكاظمي، ألزم الحكومة العراقية باتخاذ إجراءات قانونية بحق المنفذين والممولين وزعمائهم”، محذراً من “اتخاذ إجراءات قانونية بحق العراق اذا لم يتحرك في هذا الاتجاه”. وأضاف حرب أن “بيان مجلس الأمن الذي صدر الأسبوع الماضي نصّ على أن تتخذ الحكومة العراقية إجراءات قانونية بحق المنفذين والممولين وزعماءهم ومن يظهره التحقيق محرضاً ومساعداً وموجهاً لارتكاب الجريمة”، معتبراً أن “القرار الذي صدر عن مجلس الأمن جاء وفق البند السابع. وإذا لم تتخذ الحكومة العراقية إجراءات وفق القرار تكون أخلت بالتزاماتها الدولية”.
اخلال بالسلم
ولفت حرب الى أن “مجلس الأمن ينظر إلى القضية على أنها إخلال بالسلم والأمن الدوليَين وبالتالي يدخل في اختصاص مجلس الأمن الدولي، ولا يمكن التذرع بأي ذريعة لعدم اتخاذ إجراءات قانونية بحق قادة الميليشيات والمجموعات المسلحة وبدون عذر”.
ولفت حرب إلى أن “مجلس الأمن قد يتخذ إجراءات قانونية بحق المنفذين من ضمنها فرض عقوبات اقتصادية أو سياسية أو دبلوماسية عليهم”.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com