عناوين وأخبار الصحف

رسالة روسية إلى الرياض لعدم ترك لبنان

رسالة روسية إلى الرياض لعدم ترك لبنان

 

 

بعد مغادرة وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب موسكو وعقده جلسات مع المسؤولين الروس وطلبه منهم التدخل لمساعدة لبنان ومحاولة فتح قنوات للحكومة مع البلدان الخليجية وخصوصاً مع السعودية، لم يتأخر نظيره الروسي سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف في إجراء اتصالات مباشرة وسريعة مع المملكة بغية رأب الصدع بينها وبين لبنان. وكانت لقاءات بو حبيب مثمرة مع نظيره لافروف، ولا سيما بعد تخبط عمل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والشلل الذي يهدد مختلف المؤسسات التي لم يكن ينقصها الا الارتفاع الجنوني لسعر الدولار امام الليرة اللبنانية المنهارة أصلاً. وسارع بوغدانوف الى ترجمة ما تم التعهد به امام بوحبيب ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية أمل أبو زيد، فعمد بناء على طلب لافروف الى لقاء القائم بالاعمال السعودي في موسكو عطا الله العنزي لوجود السفير في جدة ومشاركته في مؤتمر “روسيا – العالم الاسلامي”، ويشارك فيه من لبنان الدكتور محمد السماك الذي منحته المملكة جنسيتها الاسبوع الفائت. وكان بوغدانوف قد أبلغ العنزي استعداد الحكومة اللبنانية لإقامة افضل العلاقات مع المملكة وطرح كل المواضيع العالقة بين البلدين، وان بيروت لا تريد الا بذل المساعي الطيبة لاعادة العلاقات التاريخية بين البلدين. وسمع العنزي بحسب معلومات لـ”النهار” تشديداً روسياً على تثبيت أطر التواصل بين الرياض وبيروت والعمل سريعاً على عدم الاستمرار في هذه المراوحة المفتوحة بين الطرفين. وفي رأي الديبلوماسية الروسية ان على المملكة ألا تترك لبنان، ولا سيما في مثل هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية والمالية الخانقة التي يعانيها اللبنانيون على اكثر من مستوى. وكان الطلب من العنزي توجيه هذه الرسالة الروسية السريعة الى خارجية بلاده مع التمني بتطبيق مضمونها، وفي طيّاتها نصيحة الى المملكة بعدم ترك لبنان يتخبط في أزماته والتفرج عليه حتى لو كانت لدى المملكة جملة من الملاحظات على الحكومات اللبنانية المتعاقبة وجهات لبنانية وخصوصاً “حزب الله”، ولا سيما بعد المواقف التي اطلقها الوزير جورج قرداحي قبل تعيينه وزيراً. واذا كانت لدى موسكو ملاحظات على كلام وزير الاعلام، الا انها ترى مبالغة في ردة الفعل السعودية حيال لبنان. ويبقى الاهم في الرسالة الروسية الى القيادة السعودية التي تربطها معها علاقات جيدة هو ضرورة الاستفادة من “الدرس السوري” والدعوة الى التعمق بكل محطاته على مدار سنوات الحرب الاخيرة، اي بمعنى عدم ترك لبنان كما فعلت اكثر الدول العربية مع سوريا، ولا سيما منها الخليجية، وهي تعود اليوم الى تفعيل علاقاتها الديبلوماسية والاقتصادية مع دمشق ولو في ظل وجود الرئيس بشار الاسد. وبعد مباشرة روسيا قرع ابواب السعودية يزور بوغدانوف طهران الاسبوع المقبل، وعلى اجندته جملة من المواضيع التي تخص البلدين من أذربيجان الى سوريا. وسيعرّج بالطبع على ملف لبنان، وسيطلب من المسؤولين الايرانيين ما طلبه من السعوديين بضرورة تخفيف الضغوط عليه والعمل من أجل مساعدة حكومته.

 

وتفيد جهات ديبلوماسية مواكبة لمسار الديبلوماسية الروسية وما اذا كانت قادرة على إحداث خرق في المملكة لجهة اعادة النظر في تعاطيها مع لبنان، يأتي الرد هنا ان موسكو يمكنها التأثير في سياسة الرياض حيال هذه النقطة وخلق مساحة من المرونة تجاه لبنان بعد كل العواصف الأخيرة، علماً ان باريس وواشنطن والقاهرة وعُمان لم تنجح بعد في محاولات من هذا النوع. ودار حديث بين لافروف وبوحبيب عن قيام الرئيس ميقاتي بزيارة روسيا، إلا انه لم يتحدد موعدها بعد مع ترحيب موسكو بمثل هذه الزيارة. وكان بوحبيب قد وجّه دعوة الى نظيره الروسي لزيارة بيروت فوعد بتلبيتها مطلع العام الجديد، وسيزور دمشق وتل أبيب في الاسبوع الثاني من كانون الاول المقبل.

 

ويبقى ان زيارة بوحبيب وُصفت بانها كانت ناجحة على اكثر من مستوى، مع التوقف امام العرض الذي قدمه الاول امام لافروف عن الحال الصعبة للمؤسسات والوزارات ومنها وزارة الخارجية التي لم تجرِ بعد التشكيلات الديبلوماسية. وعبّر لافروف امام ضيفه عن اعجابه بالسفير شوقي بونصار واعتبره من أهم السفراء في موسكو إذ نجح في شبْك صداقات مع المسؤولين الروس، وانه من الملمّين الجيدين بملفات المنطقة.

 

وتمنى لافروف على بوحبيب في التشكيلات، وليس من باب التدخل، الابقاء على بونصار في موسكو. وكان رد بوحبيب بأن بونصار سيبقى في موقعه هذا. واذا كان الوفد اللبناني قد استمع من الروس الى استعداد بلدهم لمساعدة لبنان في اكثر من قطاع، فلم يتم التطرق الى ان شركات روسية ستستثمر في لبنان بمبلغ يفوق المليار دولار. وكثر الحديث في الاشهر الاخيرة على ألسنة رجال اعمال ومستشارين اقتصاديين عن هذا الحجم من التعاون، ولدى مفاتحة بوغدانوف بمثل هذه المعلومات قبيل زيارة بوحبيب جاء رده: “كأنني والسفير بو نصار لا نعيش في موسكو”. ولا يقصد من كلامه هذا أنه لا يشجع التعاون بين البلدين وتوجّه شركات روسية للاستثمار في لبنان، لكن ثمة من يقدم معلومات ويطلق ارقاماً مالية وحسابية لا اساس لها من الصحة.

 

الكاتب: رضوان عقيل

Radwan.aakil@annahar.com.lb

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى