روسيا تمهل أوكرانيا ساعات لتسليم ماريوبول


<p>قوات موالية لروسيا في مدينة ماريوبول (رويترز)</p>
مع تشديد الحصار على مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية، أمهلت وزارة الدفاع الروسية أوكرانيا حتى الساعات الأولى من صباح الاثنين، 21 مارس (آذار)، للرد على طلب تسليم المدينة، وفق ما أفادت وكالة الإعلام الروسية. ودعت الوزارة القوات الأوكرانية لإلقاء السلاح في ماريوبول، التي تشهد “كارثة إنسانية مروعة”، بحسب موسكو.
وقال الكولونيل جنرال ميخائيل ميزينتسيف، مدير المركز الوطني الروسي لإدارة الدفاع، أن الممرات الإنسانية من ماريوبول سوف تُفتح الاثنين في الساعة 10:00 بتوقيت موسكو (07:00 بتوقيت غرينتش).
وندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد 20 مارس (آذار)، بالقصف الروسي لمدرسة في ماريوبول تؤوي مئات الأشخاص، واصفاً إياه بأنه “عمل إرهابي”، وأبدى استعداده للتفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف الحرب، لكن موسكو واصلت ضرباتها التدميرية وأعلنت استخدامها للمرة الثانية في أوكرانيا صاروخاً فرط صوتي.
وتأتي هذه الهجمات الجديدة التي تستهدف خصوصاً مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة في جنوب شرقي البلاد، التي تملأ شوارعها الجثث وفق شهادات، فيما لم تحرز المفاوضات الجارية بين الوفدين الروسي والأوكراني تقدماً ملموساً، على الرغم من أن تركيا قالت الأحد إن الطرفين “قريبان من إبرام اتفاق”.
وقال زيلينسكي في مقابلة بثتها شبكة “سي أن أن” الأميركية الأحد، “أنا مستعد لمفاوضات مع (فلاديمير بوتين). لقد كنت مستعداً خلال العامين الماضيين، وأعتقد أنه من دون مفاوضات لن تتوقف الحرب”، لكنه حذر من أن “فشل هذه المفاوضات سيعني حرباً عالمية ثالثة”.
قصف مدرسة في ماريوبول
وفي ماريوبول، التي تتعرض لبعض من أعنف القصف منذ شرعت روسيا في هجومها على أوكرانيا، إذ لا يزال كثير من سكانها البالغ عددهم 400 ألف محاصرين في المدينة من دون طعام أو ماء أو كهرباء. وقال بافلو كيريلينكو، حاكم منطقة دونيتسك، في مقابلة تلفزيونية الأحد، إن القتال مستمر داخل المدينة.
وكان الرئيس الأوكراني قد استنكر في وقت سابق القصف الروسي لمدرسة في ماريوبول قالت السلطات الأوكرانية الأحد، إنها تؤوي 400 شخص، من بينهم أطفال ونساء ومسنون.
وكتب مجلس بلدية ماريوبول على “تليغرام”، “نعلم أن المبنى دمر، وأن مدنيين مسالمين ما زالوا تحت الأنقاض وحصيلة القتلى قيد الإعداد”. ولا يمكن التحقق من تلك المعلومات بشكل مستقل على الفور.
وقال زيلينسكي، إن إلحاق “هذا الأذى بمدينة مسالمة… عمل إرهابي سيبقى في الذاكرة حتى في القرن المقبل”، مندداً بـ”جريمة حرب” جديدة.
وكانت أوكرانيا قد اتهمت روسيا بقصف مسرح في المدينة الأربعاء، حيث لجأ مئات السكان، وليس هناك أي حصيلة حتى الآن. وتنفي روسيا استمرار استهداف المدنيين.
مقتل قائد كبير في البحرية الروسية
السلطات الروسية أعلنت من جانبها الأحد، أنه تم إجلاء أطفال معظمهم أيتام كانوا عالقين في منشأة طبية في ماريوبول إلى إحدى عاصمتي المنطقتين الانفصاليتين الموالتين لروسيا في شرق أوكرانيا، وفق ما أفاد أقرباؤهم وكالة الصحافة الفرنسية الأحد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبقي 19 طفلاً ومراهقاً تتراوح أعمارهم بين 4 و17 سنة لمدة أسبوعين تقريباً في الطوابق السفلية لهذه المنشأة المتخصصة في معالجة أمراض الرئة، والتي أرسلوا إليها قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط).
كما أعلن حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف، الأحد، مقتل قائد كبير في أسطول البحر الأسود الروسي في أوكرانيا. وقال رازفوجاييف عبر تطبيق “تليغرام”، إن القبطان أندريه بالي، نائب قائد الأسطول لقي حتفه أثناء القتال في مدينة ماريوبول.
وفي العاصمة كييف، انفجرت قذيفة الأحد أمام مبنى سكني، ما أسفر عن إصابة خمسة أشخاص على الأقل، اثنان منهم نقلا إلى المستشفى وفق ما أعلن رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو.
وقد تضرر المبنى المكون من 10 طوابق، الواقع في منطقة سفياتيوتشين بشكل كبير، وفق ما أفاد صحافيون من وكالة الصحافة الفرنسية كانوا في المكان، مشيرين إلى أنه يمكن رؤية آثار حريق، فيما تحطمت كل النوافذ.
وروت آنا (30 سنة) وهي من السكان، “كانت شقيقتي على الشرفة عندما حدث ذلك، كادت أن تموت”.
هدوء عسكري وتحذير أميركي
وأعلنت السلطات الأوكرانية أن هدوءاً كان سائداً ظهر الأحد.
وأوضح المستشار الرئاسي أوليكسي أريستوفيتش، خلال مؤتمر صحافي، أن “الجبهة جامدة عملياً”، ولم تكن هناك “أي عملية إطلاق صواريخ على المدن” و”سلاح الجو الروسي يكاد يكون غير نشط”.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الأحد، أنها استخدمت صواريخ “كينجال” الحديثة فرط الصوتية التي أشاد بها بوتين، لتدمير موقع تخزين وقود في منطقة ميكولاييف في جنوب البلاد.
واعتبر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأحد، أن روسيا باستخدام مثل هذه الأسلحة “تحاول استعادة الزخم” في الحرب التي تورط فيها جيشها، مشيراً إلى أن هذه الأسلحة “لا تحدث فارقاً”.
كما حذر أوستن روسيا من استخدام الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية في النزاع. وقال إنه سيكون هناك عندئذ “رد فعل قوي ليس فقط من الولايات المتحدة، ولكن أيضاً من المجتمع الدولي”.
فرار 10 ملايين أوكراني
وقد تسبب الحرب في أوكرانيا كارثةً إنسانيةً وفقاً للأمم المتحدة، مع اضطرار ما لا يقل عن 10 ملايين أوكراني، أي ربع السكان، إلى مغادرة منازلهم للفرار من القتال.
وغرد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، على “تويتر”، “الحرب في أوكرانيا مدمرة لدرجة أن 10 ملايين شخص فروا، إما نزحوا داخلياً أو لجأوا إلى الخارج”.
ولا تزال الأوضاع الإنسانية تتدهور في ماريوبول، على غرار معظم الجنوب والشرق، وقد روت عائلات أن الجثث تركت في الشوارع لأيام، فيما أمضوا ليالي في البرد القارس في أقبية جائعين وعطشى.
وألحق القصف أضراراً جسيمة بمصنع “آزوفستال” للصلب والمعادن في ماريوبول، وهي مدينة ساحلية صناعية ذات أهمية حاسمة لتصدير الصلب المنتج في شرق البلاد.
وقالت النائبة ليسيا فاسيلنكو، “دمر أحد أكبر مصانع التعدين في أوروبا. الخسائر الاقتصادية لأوكرانيا هائلة”، وقد نشرت مقطع فيديو على “تويتر” تظهر أعمدة كثيفة من الدخان تتصاعد من مجمع صناعي.
“كارثة إنسانية” في تشيرنيهيف
وفي شمال البلاد، تحدث رئيس بلدية تشيرنيهيف فلاديسلاف أتروشنكو، عن “كارثة إنسانية مطلقة” في مدينته.
وقال للتلفزيون إن “القصف المدفعي العشوائي على الأحياء السكنية مستمر، ويؤدي إلى مقتل عشرات المدنيين من أطفال ونساء”. وأضاف، “لا كهرباء ولا تدفئة ولا ماء والبنية التحتية للمدينة مدمرة تماماً”.
وتابع أتروشنكو في مستشفى أصيب في القصف، أن “المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية يرقدون في الممرات بدرجة حرارة تبلغ 10 درجات مئوية”.
ولم يتوقف القصف في الأيام الأخيرة في كييف وميكولاييف وخاركيف، وهي مدينة كبيرة شمال غربي البلاد ناطقة بالروسية، قتل فيها 500 شخص على الأقل منذ بداية الحرب، وفقاً لأرقام أوكرانية رسمية.
وأكدت وزارة الدفاع البريطانية في بيان، أن روسيا “فشلت في السيطرة على المجال الجوي، وتعتمد بشكل كبير على أسلحة بعيدة المدى يتم إطلاقها من مواقع الأمان النسبي للمجال الجوي الروسي لضرب أهداف في أوكرانيا”.
وبحسب وزارة الدفاع الأوكرانية، نفذت القوات الروسية التي واجهت على الأرض صعوبةً في إحراز تقدم في مواجهة المقاومة الأوكرانية الشرسة، 291 هجوماً صاروخياً و1403 غارات جوية منذ بدء الهجوم.
وأكد زيلينسكي في خطاب ألقاه بالروسية نشر على الإنترنت ليل السبت الأحد، أن جثث الجنود الروس منتشرة في ساحات القتال ولم يلمّها أحد، وقال “في المناطق التي تكون فيها الاشتباكات عنيفة، تتنشر جثث الجنود الروس على خطوط الدفاع الأمامية لجيشنا. ولا أحد يأتي لينقل هذه الجثث”. وأشار الرئيس الأوكراني إلى أن 14 ألف جندي روسي قد سقطوا في المعارك.
زيلينسكي: على إسرائيل اتخاذ قرار
وطلب زيلينسكي الأحد خلال خطاب وجهه إلى البرلمان الإسرائيلي، أن تتخذ تل أبيب “خيارها” وتدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.
وقال زيلينسكي الذي لطالما شدد على انتمائه إلى الديانة اليهودية، “لقد اتخذت أوكرانيا خيارها قبل 80 عاماً بإنقاذ اليهود”، مشبهاً في نقاط عدة أتى على ذكرها، الهجوم الروسي على بلاده بالمحرقة النازية.
كما تساءل زيلينسكي عن تردد إسرائيل في بيع منظومة القبة الحديدية الدفاعية لأوكرانيا، في أحدث نداء يوجهه للحصول على دعم خارجي.
من جهتها، فرضت أستراليا الأحد عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا بحظر صادرات أكسيد الألمنيوم (الألومينا) والبوكسيت فوراً، وتعهدت تقديم مزيد من الأسلحة والمساعدات الإنسانية لكييف.
ويهدف الحظر المفروض على هذه الصادرات إلى الإضرار بإنتاج الألمنيوم في روسيا التي تستورد من أستراليا 20 في المئة من حاجاتها من أكسيد الألمنيوم، وفق كانبيرا.
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، حض من جهته الصين الأحد على اتخاذ موقف حيال النزاع في أوكرانيا وإدانة الهجوم الروسي.
وخلال مقابلة مع صحيفة “صنداي تايمز”، دعا جونسون الصين حليفة موسكو الاستراتيجية، ودولاً أخرى لم تتخذ موقفاً بعد، إلى الانضمام للدول الغربية في إدانتها للهجوم الروسي على أوكرانيا. وقال، “مع مرور الوقت ومع تزايد الفظائع الروسية، أعتقد أن من الأصعب والمحرج سياسياً التغاضي عن غزو بوتين”.
من جانبه، وصف السفير الصيني لدى الولايات المتحدة شين غانغ في مقابلة مع شبكة “سي بي أس” أن المعلومات التي تفيد بأن بلاده قد تقدم مساعدة عسكرية لموسكو بأنها “زائفة”.
كذلك، أكد وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير، الأحد، أن بلاده جمدت أصولاً بحوالى 850 مليون يورو (940 مليون دولار) تعود ملكيتها إلى أثرياء من النخبة الروسية الحاكمة، هي يخوت وشقق وحسابات مصرفية في فرنسا.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com