Categories: أخبار محلية

عودة: على جميع أبنائنا القيام بواجبهم الوطني

ألقى متروبوليت بيروت المطران الياس عودة عظة قداس أحد الشعانين، وأشار في عظته إلى أن “الشعب الذي يستقبل المسيح اليوم بهتافات الظفر، هو نفسه سيحكم على المخلص بالموت بعد أيام قليلة. سيتهمونه بالتجديف لأنه قال الحقيقة، ويحكمون عليه بالموت صلبًا لأنه “جعل نفسه ابن الله” (يو 19: 7). الشعب اعترف، عفوياً، بشخص الرب يسوع، المسيا الآتي، بينما لمْ يردْ الرؤساء العميان أنْ يؤمنوا به بسبب حسدهم، لأن كثيرين من اليهود آمنوا بالمسيح بسبب إقامته لعازر من الموت”.

وقال: “إن هتاف الشعب للمسيح يتعارض مع تجهم الرؤساء وقلقهم. الشعْب يهتف، والرؤساء المغْتاظون والمنزعجون من المسيح بحجة تعديه الناموس يسألون: “أتسْمع ما يقول هؤلاء؟” فيجيبهم: “نعم، أما قرأْتم قط: منْ أفواه الأطفال والرضع هيأت تسبيحًا؟” (مت 21: 16). كانتْ هتافات الشعب هي التسبيح الذي خرج منْ أفواه الأطفال. لكن بساطة الشعب، وطفوليته بالنسبة إلى الشر، لمْ ترتبطْ بمعْرفة الإيمان. كان الشعْب يفْتقر إلى الرعاية وإلى التربية الدينية. لمْ يقدمْ الكتبة والفريسيون للشعب معرفةً حقيقية، بلْ قيدوه بتوصيات ناموسية لا تطاق، إلتزمتْ حرْفية الناموس، وجهلتْ روحه وجوْهره. لذلك لمْ يكنْ قادرًا على أنْ يميز صوْت الراعي الحقيقي، ولا عرف بوضوح الكلمة النبوية عنْ شخْص المسيح. خلط أهْدافه القوْمية بظهور المسيح وعمله. هكذا، انْجر وراء هوى الرؤساء الذين حرفوا الحقيقة، وانْقاد إلى أفظع جريمة في التاريخ البشري، إلى قتْل المسيح صلباً”.

ورأى أن “هذا الأمر نفسه نعيشه في عالمنا اليوم، وخصوصًا في بلدنا، حيْث نجد مسؤولي الشعب يغْسلون أدمغة أتباعهم، مقوْلبين النواميس والقوانين حسب أهوائهم، لكي يبقوا الشعب تحت تسلطهم، مصيبين إياهم بالعمى الإجباري حتى لا تتفتح عيونهم ويدركوا أن الخلاص قدْ يأتي عبر آخرين. هذا تمامًا ما فعله الناموسيون والفريسيون الذين كانوا يقنعون الناس بأنهم يملكون سلطةً مطلقةً على نفوس العباد، يدخلون منْ يشاؤون إلى الملكوت، ويخرجون منه من يشاؤون، كونهم حفظوا الناموس حرفيا ونصبوا أنفسهم محامين، لا بلْ مدعين عامين باسم الله ضد الشعب. هؤلاء، نسمع الرب، في مقاطع أناجيل الآلام، يقول عنهم: “فكل ما قالوا لكم أنْ تحفظوه فاحفظوه وافعلوه، ولكنْ حسب أعمالهم لا تعملوا، لأنهم يقولون ولا يفعلون” (مت 23: 3). يتابع الرب يسوع كلامه على رؤساء الشعوب قائلًا: “فإنهم يحزمون أحمالًا ثقيلةً عسرة الحمْل ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أنْ يحركوها بإصْبعهم. وكل أعمالهم يعْملونها لكيْ تنْظرهم الناس: فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم، ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع، والتحيات في الأسواق” (مت 23: 4-7). ألا ينطبق هذا الكلام، على غالبية مسؤولي بلادنا، الذين لا يهتمون بأبناء شعبهم إلا عندما تقتضي مصالحهم؟ ألا ينطبق حديث الرب عن الفريسيين على سياسيي بلادنا الذين يريدون التسيد على الشعب بدلًا منْ خدمته، عملًا بكلام مخلصنا: “أكبركم يكون خادمًا لكم، لأن منْ يرفع نفسه يتضع، ومنْ يضع نفسه يرتفع» (مت 23: 11-12)؟”.

كما لفت إلى أن “دخول المسيح اليوم إلى أورشليم، يعلم كل مسؤول كيف تكون المسؤولية الحقيقية: إنها المحبة حتى الموت. ففي المسيرة نحو الموت والقيامة، خدم المسيح تلاميذه على المائدة، وغسل أرجلهم، وقبل شتى أنواع الإهانات، ثم الموت. لو كان أحد المسؤولين الحاليين مكان المسيح، لما قبل بما عاناه الرب، ولكان طلب مؤازرةً لإسكات كل معارض وصاحب رأي حر، بأي شكل من الأشكال، قائلاً في نفسه: يموت لأحيا أنا. أما المسيح، الذي قدم للجميع درسًا في احترام حرية الآخر حتى أقصى الحدود، فقدْ قبل طوعًا بأنْ يصلب، وبعد صلبه برهن للجميع أنه هو الحق والحياة، وأن ما فعلوه به، بتأثير منْ رؤساء الشعوب، كان خطيئةً. ومع ذلك غفر للجميع خطاياهم، وأقامهم معه بقيامته، غالبًا تسلط الجحيم وسائر جنود الشر. هذه الحرية يجب أنْ تكون مصانةً في كل الأوقات، لأنها عطيةٌ من الله وليست منةً منْ أحد، وعلى الإنسان أن يستعمل حريته بحكمة وتعقل، لكي يمارس حقه دون أن يسيء إلى حرية الآخرين”.

وشدد عودة على وجوب “القيام بالواجب الوطني بكل حرية ومسؤولية، من دون أن التأثر بأحد”، مؤكداً أن “الكنيسة لا تدعم أي مرشح على حساب آخر لأنها تحترم حرية أبنائها”.

ورأى أن “عيد الشعانين، يضعنا أمام إمتحان شخصي. هلْ نكون صادقين في هتافنا إلى المسيح: “خلصْنا يا ابن الله”؟ هل نكون صادقين في قولنا: “لتكن مشيئتك”؟ أم سنترك الرب والمخلص عند أول فرصة تتيح لنا إظهار الأنا المتملكة فينا؟ الشعب الهاتف منْ أجل خلاصه، عاد وصلب من اعتبره المخلص الذي شفى مرضاه وأقام موتاه، لأن إيمانه كان متوقفًا على الحرف، لا على روحانية المحبة الصادقة، ولأنه كان معتادًا على أنْ يكون مستعبدًا، فخاف منْ طعْم الحرية”.

وأضاف: “على صعيد الوطن، الإمتحان الأكبر الذي نقف أمامه اليوم، هو: هل يملك شعبنا إرادة التغيير ويسعى من أجل التغيير أم أنه سينكفئ ويختار القديم الذي اعتاده؟ عندئذ سيتحمل مسؤولية اختياره ولن يلقى لشكواه أذناً سامعة، ولن يكون لأنينه أثرٌ في نفوس سامعيه، لأنه اختار مصيره بإرادته”.

وختم عودة عظته قائلاً: “دعوتنا اليوم أنْ نعلن ولاءنا الحقيقي للمسيح، الملك الوديع، الذي أحبنا حتى الصليب، وأنْ نهتف إليه: «خلصنا»، لأن لا خلاص لنا بسواه، مهما انتحل أناس هذه الأرض صفة المخلص، آمين”.

The post عودة: على جميع أبنائنا القيام بواجبهم الوطني appeared first on LebanonFiles.

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

الموقع :www.lebanonfiles.com

AymanSerhan

Recent Posts

ترامب محذرًا إيران: الهجمات المخطط لها “أكثر عدوانية”.. والسلاح الأمريكي في طريقه لإسرائيل

علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على العدوان الإسرائيلي على إيران، وقال إنه حان الوقت لإنهاء…

ساعة واحدة ago

إسرائيل “على أهبة الاستعداد” لضرب إيران.. وترامب: “سترون”

تلقى مسؤولون أميركيون معلومات تفيد أن إسرائيل "على أهبة الاستعداد" لشن عملية عسكرية ضد إيران،…

يوم واحد ago

إيران تعلن توجيه “أكبر ضربة استخبارية في التاريخ” ضد إسرائيل

أعلن إعلام إيراني رسمي، اليوم السبت، نقلا عن مصادر مطلعة، بأن جهاز الاستخبارات الإيرانية، شن…

6 أيام ago

الزرارية تحتضن المعرض الجامعي الأكاديمي الأول في مؤسسة سعيد وسعدى فخري الإنمائية

نظمت "مؤسسة سعيد وسعدى فخري" الانمائية في بلدة الزرارية " المعرض الجامعي الاكاديمي الاول "…

أسبوعين ago

جردة حساب: هؤلاء الرابحون والخاسرون

كتب عماد مرمل في للجمهورية أما وأنّ الانتخابات البلدية والاختيارية انتهت، فإنّ القوى السياسية التي…

أسبوعين ago

خلافات بين أمل وحزب الله

شهدت الانتخابات البلدية الأخيرة في عدد من البلدات الجنوبية خلافات بين حركة "أمل" و"حزب الله"…

3 أسابيع ago