لندن تدعو موسكو لخفض التصعيد وواشنطن تحذر من إحياء شبح الحرب الباردة


<p class="rteright">وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيرته الألمانية آنالينا بيربوك في برلين (أ ف ب)</p>
دعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس روسيا إلى “خفض التصعيد” وإجراء “محادثات بناءة” في شأن أوكرانيا، محذرة من أن غزو هذا البلد سيقود نحو “مستنقع رهيب”، وخلال زيارة إلى سيدني مع وزير الدفاع البريطاني بن والاس، قالت تراس، “سنُواصل مع حلفائنا دعم أوكرانيا ونحض روسيا على خفض التصعيد والمشاركة في مناقشات بناءة”، وأضافت أن “الكرملين لم يستخلص العبر من التاريخ”، مؤكدة أن “الغزو لن يؤدي إلا إلى مستنقع رهيب وخسائر في الأرواح كما حدث في أفغانستان السوفياتية والصراع في الشيشان”.
وتأمل تراس خلال زيارتها أستراليا في تعزيز التعاون العسكري والتكنولوجي والاقتصادي بين لندن وكانبيرا من أجل دعم استراتيجية “بريطانيا العالمية” بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
“أوكوس”
وفي مجال الدفاع، أبرم البلدان والولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي اتفاقية أطلِق عليها اسم “أوكوس” تشمل تسليم أستراليا غواصات تعمل بالطاقة النووية.
وبشكل أوسع، دعت تراس الديموقراطيات الغربية إلى العمل بشكل وثيق مع أستراليا وحلفاء آخرين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ “للتصدي للمعتدين العالميين” الذين “أصبحوا أكثر جرأة بدرجة غير مسبوقة منذ الحرب الباردة” على حد قولها، وأضافت أنهم “يسعون إلى تصدير الدكتاتورية كخدمة عبر العالم. لهذا السبب، تجد أنظمة مثل بيلاروس وكوريا الشمالية وبورما، في موسكو وبكين أقرب حليفين لها”.
“العالم الحر”
من جهته، كرر وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتن دعوة وزيرة الخارجية البريطانية “العالم الحر” إلى “الوقوف بحزم”، وقال داتن لقناة “سفن نيتوورك”، الجمعة، “عندما نرى روسيا تتصرف بالطريقة التي تعمل بها، هذا يشجع طغاة آخرين وديكتاتوريات أخرى على فعل الأمر نفسه، لا سيما إذا لم يصدر رد فعل من بقية العالم”، وأضاف أن “آلاف الأشخاص سيموتون وهذا شيء لا يريد أي شخص أن يحدث”، مشدداً على أن “زيادة القوات الروسية مقلقة جداً”.
وبعد سلسلة من المحادثات الدبلوماسية في أوروبا، الأسبوع الماضي، يفترض أن تقوم موسكو وواشنطن بمحاولة جديدة، الجمعة، 21 يناير (كانون الثاني)، لتجنب خطر نشوب نزاع جديد في أوكرانيا، عبر لقاء في جنيف بين وزيري الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين ونظيره الروسي سيرغي لافروف.
لهجة حازمة
وفي وقت سابق الخميس، حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون روسيا بلهجة حازمة من مغبة أي عمل عسكري في أوكرانيا، قبل انضمامه إلى المحادثات بين الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين في برلين بشأن الأزمة الأوكرانية.
وقال لصحافيين “لا شك أنه إذا قامت روسيا بأي شكل من أشكال التوغل، بأي حجم كان، أعتقد بأنه سيشكل كارثة، ليس فقط لأوكرانيا إنما لروسيا، وسيمثل كارثة للعالم”. وأضاف أن بريطانيا تدعم “بثبات” سيادة أوكرانيا.
واشنطن تهدد روسيا برد إذا توغلت في أوكرانيا
وحذرت الولايات المتحدة من أن روسيا التي حشدت آلاف الجنود على الحدود الأوكرانية تجازف بإعادة إحياء شبح الحرب الباردة، مهددة مرة جديدة موسكو برد في حال توغلها في أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن أي انتهاك من جانب روسيا لسيادة أراضي أوكرانيا “سيعيدنا إلى أوقات أكثر خطراً وانعداماً للاستقرار، عندما كانت هذه القارة، وهذه المدينة، مقسومة إلى جزئين تفصل بينهما منطقة عازلة حيث يسير الجنود دوريات، فيما يمثُل التهديد بحرب شاملة فوق رؤوسنا جميعاً”.
وأجرى بلينكن هذه المقارنة من برلين، المدينة التي كانت مقسومة بجدار على مدى حوالى 30 عاماً، حيث أجرى الخميس محادثات مع حلفائه الأوروبيين عشية لقاء مهم مع الروس في جنيف.
ونشرت روسيا عشرات آلاف الجنود على الحدود الأوكرانية ما أثار مخاوف من اجتياح. ورغم نفيها أي مخطط لهجوم، تؤكد موسكو أن وقف التصعيد يتطلب ضمانات خطية حول أمنها.
وعبر بلينكن والحلفاء الغربيون للولايات المتحدة في المقابل عن موقف حازم. وقال بلينكن إن “أي” تجاوز للحدود الأوكرانية من جانب روسيا سيؤدي إلى رد فعل “سريع وشديد” من الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
“توغلات محدودة”
ولإظهار وحدة الغربيين، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بدورها أن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يترددوا في التحرك رغم أن الرد سيكون له “تداعيات اقتصادية” على أوروبا.
من جهته حذر نظيرها الفرنسي جان إيف لودريان الذي كان متواجداً أيضاً في برلين، الروس من أي رغبة لإقامة “يالطا 2″، أي تقاسم جديد لدوائر نفوذ بين الغرب والشرق بعد 77 عاماً على المؤتمر الذي رسم حدود أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
في كييف، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تعليقاً على غزو روسي محتمل، إن لا وجود لما يسمى “توغلات محدودة”، معتبراً أن ضمان “الأمن الشامل في أوروبا مستحيل بدون استعادة سيادة وسلامة أراضي أوكرانيا”.
جاء ذلك تعقيباً على تصريح للرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء تسبب بارباك بعدما تطرق إلى احتمال حصول “توغل محدود” روسي في أوكرانيا. ثم وضح بايدن تصريحاته الخميس قائلاً إن أي دخول للقوات الروسية إلى أوكرانيا سيُعد عملية “غزو”.
وقال بايدن “إذا تحركت أي مجموعة من الوحدات الروسية على الحدود الأوكرانية، فيُعد ذلك غزواً”، مضيفاً أنه كان “واضحاً تماماً” مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وأضاف “سيؤدي ذلك إلى رد اقتصادي قاسٍ ومنسق تطرقتُ إليه بالتفصيل مع حلفائنا”.
مخرج دبلوماسي
ولا يزال بلينكن يأمل في التوصل إلى مخرج دبلوماسي للتوتر.
وكان بلينكن حث الأربعاء خلال زيارة دعم إلى كييف، الرئيس الروسي بوتين على اختيار “الطريق السلمي”.
لكن روسيا ردت عبر إعلانها الخميس عن إطلاق عمليات بحرية في كل الاتجاهات من المحيط الهادىء إلى الأطلسي مروراً بالمتوسط تشمل 140 سفينة حربية وعشرة آلاف عنصر.
تدريبات عسكرية مشتركة
وسبق أن نظمت موسكو الأربعاء تدريبات عسكرية مشتركة مع قوات بيلاروس، الجمهورية السوفياتية السابقة المجاورة أيضاً لأوكرانيا. هذه التدريبات من شأنها أن تنذر بوجود عسكري روسي دائم يشمل قوات تقليدية ونووية في بيلاروس كما قال مسؤول أميركي.
وحصلت جولة محادثات أميركية روسية الأسبوع الماضي في أوروبا لكنها فشلت في ردم الهوة الفاصلة في هذه المرحلة بين الغرب وروسيا. وشدد بلينكن الأربعاء على أنه لن يعرض “أي وثيقة” خلال لقاء الجمعة مع لافروف.
وأوضح “علينا أن نرى إلى أين وصلنا وما إذا كانت لا تزال هناك فرص لاتباع الدبلوماسية والحوار الذي كما قلت سابقاً، هو المسار المفضل إلى حد بعيد”.
وإضافة إلى اتفاقية تمنع أي توسيع لحلف شمال الأطلسي لا سيما لجهة ضم أوكرانيا وجورجيا، الجمهورية السوفياتية السابقة، تطالب روسيا بتخلي الأميركيين وحلفائهم عن تنظيم مناورات ونشر قوات عسكرية في أوروبا الشرقية.
وأكدت موسكو أن مطالبها هذه غير قابلة للتفاوض، في حين اعتبرتها الولايات المتحدة غير مقبولة في غالبيتها.
في هذا الإطار، أعلنت واشنطن الأربعاء عن 200 مليون دولار كمساعدة “أمنية دفاعية إضافية” لأوكرانيا تستكمل 450 مليون دولار من المساعدات ممنوحة اليها أساسا.
كما وافقت الولايات المتحدة على مطالب دول البلطيق إرسال أسلحة ذات صنع أميركي إلى أوكرانيا.
من جهتها رفضت ألمانيا فكرة تسليم أسلحة إلى أوكرانيا معتبرة أن ذلك سيؤدي إلى تأجيج التوتر، لكنها لا تستبعد عواقب على مستقبل أنبوب الغاز المثير للجدل نوردستريم 2.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com