ما حقيقة أن العونيين يريدون الانتخابات تحت مظلة وزير الداخلية محمد فهمي؟

لا يوحي كل الكلام الايجابي الصادر عن رئاسة الجمهورية عن امكان اقتراب موعد تأليف الحكومة التي يعمل عليها الرئيس نجيب ميقاتي إلا لحظة صدور مراسيمها. وفي حقيقة بواطن الامور لا تشير أكثر المعطيات الى انه سيتم الاتفاق بسهولة على الاسماء المطروحة واسقاطها على الوزارات. ويرافق التدقيق في كل حقيبة ألف حساب ولا سيما حيال وزارتي العدل والداخلية والبلديات ولو تم حسم ابقائهما مع مسيحي وسنّي.
ومَن يطّلع على حقيقة أجواء الحلقة الضيقة في محيط الرئيس ميشال عون ورئيس”#التيار الوطني الحر” جبران باسيل، يتبين له من دون عناء ان هذا الفريق لن يسلّم بالقبول بأي تشكيلة حكومية من دون ان يضمن ان تكون له الكلمة الرئيسية في القرارات والاستحقاقات الكبرى على مستوى التدقيق الجنائي الذي يطالبون بوضعه في متن مضمون البيان الوزاري، فضلاً عن التأكد من هوية المرشح للداخلية لأن #الانتخابات اصبحت على الابواب ويشغل موضوعها البيئات السياسية المسيحية اكثر من سواها، ويتعاطى معها العونيون وكأنها اشبه بالمباراة النهائية قبل انتهاء العهد حيث ستحدد له نتائجها مستقبله النيابي والسياسي وسط بيئة تتحضر جيداً من “القوات اللبنانية” الى حزب الكتائب وشخصيات وناشطين في المجتمع المدني يستعدون لتصفية حساباتهم مع العونيين، او تحديداً مع باسيل الذي يعرف جيدا حجم العواصف التي تنتظره في اكثر من دائرة مسيحية، فضلاً عن عواصف تهدد مرشحيه في دوائر يغلب عليها الناخبون السنّة.
واذا كان عون يطلق كلاماً دافئاً في اتجاه ميقاتي، الا ان حربه الضروس مع الحريري لم تنتهِ فصولها بعد، وزاد من شرارتها انفجار التليل وتبادل الاتهامات والردود قبل ان ترقد جثامين الضحايا في التراب. واذا لم يتأكد الاول من حضوره وتأثيره في الحكومة المقبلة اذا أبصرت مراسيمها النور، فلن يضع عليها توقيعه وسيتم التوجه الى الاستمرار في حكومة تصريف الاعمال برئاسة حسان دياب الذي يشكو منه اكثر من وزير جراء تسلّحه بعدم التوجه الى عقد اي جلسة موسعة للحكومة رغم وقوع البلد في اكثر من زلزال امني ومالي منذ تفجير مرفأ بيروت الى اليوم.
وثمة رأي عوني يقول في الحلقات الضيقة انه من الأسلم لفريقهم خوض الانتخابات في ظل وجود الوزير #محمد فهمي على رأس وزارة الداخلية خشية تسليم رقابهم لوزير في الحكومة المنتظرة يعمل وفق توجيهات رؤساء الحكومات السابقين ولا سيما منهم الحريري. الا ان ميقاتي لا ينفك عن القول بأنه يعمل على توزير شخصية سنية لا تشوبها شائبة وتشرف على الانتخابات المقبلة بأداء يقوم على وضع مسافة واحدة من الجميع.
وعلى رغم هذه المساحة من الاطمئنان التي يعكسها ميقاتي، الا ان عونيين يرون انه اذا لم تكن الحكومة على مستوى طموحاتهم وأدت رياح التعقيدات الظاهرة الى اعتذار ميقاتي وهم يعرفون ان من الصعوبة التوصل الى تسمية شخصية سنية، فلا مانع لديهم من اجراء الانتخابات في ظل حكومة تصريف الاعمال. وقبل الخوض في الآثار التي يخلّفها اعتذار ميقاتي في حال وصوله الى هذا الخيار، ثمة سؤال يطرح: هل ان حكومة دياب قادرة على اجراء هذا الاستحقاق، علما ان لا موانع دستورية تمنعها من القيام بهذا الاستحقاق؟
يردّ الوزير فهمي هنا بانه يريد تأليف الحكومة اليوم قبل الغد، وهذا ما قاله للمعنيين واسمعه اكثر من مرة للرئيسين عون ونبيه بري. وكان قد انتهى من إعداد خريطة طريق الانتخابات النيابية العامة المقبلة تبدأ من آخر مهلة لتسجيل الناخبين المقيمين وصولا الى آخر مهلة لتقديم الطعون امام المجلس الدستوري، من دون البتّ بعد بمصير هيئة الاشراف على الانتخابات من خلال الابقاء على الهيئة الحالية او تعيين اعضاء جدد. ولم تحصل الهيئة الحالية على اي اعتمادات مالية على مدار السنة الاخيرة. وهي اشرفت على الانتخابات الفرعية في طرابلس وصور.
وتناولت الخريطة كل ما يتعلق بالمقترعين في الداخل والخارج، الى تحديد مواعيد دعوة الهيئات الناخبة واتخاذ كل الاستعدادات المطلوبة للامور اللوجستية. وحدد موعد لهذه الانتخابات في 8 أيار المقبل. واذا جاء خلفٌ لفهمي فالخريطة موجودة على طاولة مكتبه في الوزارة. ويردد فهمي: “ان البلد لم يعد يقدرعلى تحمّل كل هذه الاعباء والتحديات. لكن اذا بقيت حكومة تصريف الاعمال وحلّ موعد الانتخابات فان الوزارة على كامل جهوزيتها، وسأطبق القانون. وسأكون على مسافة واحدة من الجميع. ولكنني اصلي في الوقت نفسه لتأليف الحكومة وتسليم امانة وزارة الداخلية الى الوزير الجديد”.
وماذا عن تمويل الانتخابات في وقت تشكو فيه الخزينة من شح في تأمين النفقات المنتظرة؟
يقول وزير الداخلية لـ”النهار” ان الوزارة انجزت كل الاستعدادات التي تتعلق بالانتخابات، وانه من الافضل ان تجري في موعدها واتمام الدورة الحالية. وتحتاج النفقات وفق دراسة تم إعدادها الى 23 مليون دولار لتأمين كل النفقات. وتمكن فهمي من خلال الاجتماعات الاخيرة التي عقدها مع بعثة الاتحاد الاوروبي في بيروت وممثلة الامين العام للامم المتحدة من تأمين 70 في المئة من هذا المبلغ. ويرفض الحديث عن ضغوط دولية تمارس على لبنان من اجل حصول الانتخابات في موعدها، بل يشدد على مسألة “ضغوط وواجبات وطنية ودستورية” تقضي باجراء هذا الاستحقاق وعدم التوجه الى اي تمديد للمجلس. ولم يسمع من عون وبري اي نية لديهما للتوجه نحو خيار التمديد. بل “على العكس من حق اللبنانيين وواجباتهم على اي حكومة موجودة حتى لو كانت تصرف الاعمال عدم القفز فوق هذا الاستحقاق او التهاون به”.
النهار
رضوان عقيل