مسلسل اقتحام المصارف.. ماذا بعد؟؟

تتواصل عملية اقتحام المصارف من قبل المودعين اللبنانيين الذين احتجزت هذه المؤسسات ودائعهم في مخالفة واضحة لكل القوانين والأنظمة المعمول بها في البلاد، فمنذ فترة باتت محاولة بعض الودعين للدخول الى فروع المصارف المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية هي حالة متكررة لا سيما ممن يكون بحاجة ماسة للمال لاجراء عمل طبي او دفع مبالغ مالية عليه لجهات ما.
ومع ذلك فإن “المودع – المقتحم” يتعرض للاحتجاز من قبل الاجهزة الامنية ومن ثم للمساءلة القانونية باعتباره دخل الى مكان ما بالقوة وبشكل غير قانوني وقام باحتجاز حرية أشخاص خلافا لأحكام القانون، كما ان المصارف باتت تستغل هذه التصرفات للقيام باجراءات معينة تصب في غير مصلحة الناس والعملاء الذين يحاولون إتمام بعض المعاملات او الموظفين الذين يحاولون الحصول على رواتبهم، فالمصارف تعمد الى تقييد حرية الدخول الى المصارف أو إغلاق أبوابها وترك عملية السحب تجري عبر الصراف الآلي خارج أبواب المصرف.
كل ذلك بات يطرح تساؤلات عن مدى الجدوى من هذه الطريقة في اقتحام الفروع وهل هذه الطريقة ستوصل الرسائل لمن يعنيهم الأمر في سدة المسؤولية السياسية والامنية وفي القضاء ان الكيل طفح لدى عامة الناس ويجب البحث عن حلول حقيقة للازمة؟ ولكن هل بهذه الطريقة ستعيد أموال المودعين؟ أليس جماعات المصارف ومن يقف خلفها قد تتذرع بهذه الاقتحامات للإضرار اكثر بالناس والمودعين؟
حول كل ذلك قال مدير “المؤسسة الوطنية للدراسات والاحصاء” الدكتور زكريا حمودان إن “مسلسل الاقتحام يحصل نظرا لعدم وجود خطة حقيقية تعالج مسألة أموال المودعين”، ورأى انه “في المرحلة المقبلة بعد تشكيل الحكومة الجديدة او انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون قد يكون هناك بعض الحلول”، واعتبر ان “هذا يرتكز على خطة بحاجة الى كمية من الاموال التي تصل الى لبنان إما عبر صندوق النقد الدولي(وهذا ما نعارضه) او من خلال مؤتمر مالي داعم للبنان يستند على وجود الثروة النفطية والغازية”، ولفت الى انه “يمكن مع بدء تعيين الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة وبداية التنقيب عن الغاز، ان نرى الحلول على المستوى المالي على نتبدأ بخطة تتعلق بأموال المودعين التي يجب ان لا يتم المساس بها”.
وقال حمودان في حديث لموقع المنار “بالنسبة لجماعة المصارف هم ينفذون خطة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يعتبر اللاعب الرئيسي في هذا المجال”، وتابع “طالما سلامة يتماهى مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فإن ذلك قد ينتج بعض الحلول”، ورأى ان “هذه الحلول كلها رهن بإحداث خرق على المستوى المالي وإعادة جزء من أمول اللبنانيين التي كانت مودعة في المصارف”.
وأشار حمودان إلى ان “كل ذلك يتعلق بالسياسة والواضح أننا دخلنا في مرحلة جديدة واعدة(مع التطورات في مجال ترسيم الحدود البحرية) قد تسمح بإيجاد حلول بالنسبة لإرجاع أموال المودعين”، ولفت الى ان “الحل قد يكون بطئيا ولكن بشكل تدريجي وعلى مستويات معينة هي: من لديه أسباب صحية طارئة، الطلاب في الخارج، بحسب حجم الوديعة”، وتابع “قد تكون هذه المستويات هي البداية ولكن تحتاج لاطلاق حل مالي بالمرحلة المقبلة (عبر مؤتمر دولي او صندوق النقد)”.
الأكيد ان اقتحام المودعين لفروع المصارف تحمل في طياتها صرخة وغصة كبيرة لان الناس تعيش في ضائقة معيشية وحياتية يومية صعبة جدا، وتمر بفترة مؤلمة لاسيما ممن لديه ودائع كبيرة في المصارف تمت سرقتها، وتبقى التساؤلات البديهية: هل يعقل ان يعاقب المجني عليه لانه يطالب بحقوقه المسروقة؟ هل يمكن معاقبة الضحية التي تصرخ من الألم بينما السارق والجلاد يتنعم بخيرات البلاد والعباد؟ هذا الكلام ليس شعرا او شعارات ترفع هنا وهناك وإنما واقع يعيشه اللبناني في كل يوم من دون ان إيجاد الحلول الناجعة له كي يتمكن من استعادة حقوقه المهدورة.
لذلك فالأولى بالأجهزة القضائية والأمنية والإدارية والمسؤولين السياسيين في البلد التحرك لنجدة الناس وإعادة الاعتبار لهم وللقطاع المصرفي ضمنا عبر إعادة الودائع والحقوق لأصحابها، لأن سرقة أموال المودعين أضرت بشكل أساسي بصورة لبنان الاقتصاية وأفقدت قطاعه المصرفي أي ثقة به.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :almanar.com.lb