أخبار عربية وإقليمية

معارك السودان تتجدد وتحذيرات من حرب أهلية في دارفور


<p class="rteright">&nbsp;من الصعب التنبؤ بما سيحدث من تطورات ونهايات لهذه الحرب (رويترز)</p>

استمرت المواجهات بين طرفي الصراع في السودان (الجيش و”الدعم السريع”) في جبهات قتالية عدة بمدن العاصمة الثلاث، بخاصة في محيط القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، في حين تجددت المعارك العنيفة بين الطرفين في مدينة العيلفون (30 كيلومتراً من الخرطوم)، إذ بثت “الدعم السريع” مقاطع مصورة لأفرادها وهم يحتفلون بالنصر، فيما أشارت مصادر عسكرية إلى أن الطيران الحربي صد هجوماً للأخيرة على معسكرات الجيش في هذه المدينة ودمر عدداً كبيراً من المركبات القتالية وخسائر في أرواح ميليشيات “الدعم السريع”.

وبحسب شهود عيان، فقد سمع دوي قصف مدفعي منذ ساعات الصباح الباكر أمس السبت باتجاه مناطق شرق الخرطوم، وتحديداً في المناطق القريبة من جسر المنشية الرابط بين الخرطوم وشرق النيل ببحري، كما سمع صوت انفجارات عنيفة قرب القيادة العامة للجيش.

وأفاد الشهود بأن مناطق أمبدة الواقعة غرب أم درمان شهدت قصفاً مدفعياً من جانب الجيش استهدف تمركزات “الدعم السريع” في تلك المناطق، كما حدثت اشتباكات متقطعة في محيط سلاح المهندسين ومنطقتي الفتيحاب والمربعات جنوب أم درمان.

كما بثت صفحة الجيش على “فيسبوك” مقاطع فيديو لجنودها التابعين للقوات الخاصة يقومون بعمليات تمشيط واسعة بمناطق جبرة والأحياء المتاخمة لسلاح المدرعات، مظهرة تدميرها شاحنة محملة بالذخيرة تتبع “الدعم السريع”. وكذلك القيام بعدد من العمليات النوعية في أحياء أم درمان القديمة.

تمدد الحرب

في الأثناء، حذر تحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) من تمدد الحرب الدائرة في السودان حالياً، وفق المؤشرات والتطورات الأخيرة، مما يترتب عليه تداعيات أمنية وإنسانية أكثر كارثية.

ونوه التحالف في بيان بمؤشرات لتغذية الصراع وزيادته في دارفور من خلال خطوات ملحوظة ومرصودة لتحويل الحرب إلى مواجهة أهلية شاملة بين المكونات السكانية للإقليم، حاضاً كل المكونات الاجتماعية بإقليم دارفور على عدم الانسياق لهذا المخطط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعرب التحالف عن عميق قلقه حيال تصعيد وتيرة المواجهات المسلحة في جميع أرجاء البلاد، كما دان الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت في هذه الحرب، لا سيما في غرب دارفور إثر اقتحام قوات “الدعم السريع” الجنينة واستهداف البنية التحتية في الخرطوم بعد قصف القوات المسلحة.

ونوه بأن كل تلك الجرائم بواسطة الطرفين المتقاتلين تضاف إلى قائمة طويلة من الانتهاكات التي شملت القتل والسلب والنهب والتشريد والاغتصاب، مما يستدعي دعم جهود لجنة تقصي الحقائق الدولية.

وأعلن التحالف تصديه لكل مخططات تقسيم السودان، بما في ذلك تحويل الحرب الحالية إلى حرب أهلية، والتمسك بوحدة السودان أرضاً وشعباً، مبيناً أن اجتماع المكتب التنفيذي الذي عقد في الفترة بين الـ15 والـ18 من نوفمبر (تشرين الثاني) طور حزمة أفكار عملية تساعد في تقصير أمد الحرب وتفتح الطريق أمام عملية سياسية تؤسس لسلام شامل وتحول ديمقراطي مستدام.

وسائل أفضل

إلى ذلك، تواصلت ردود فعل السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي حول أحداث تدمير جسر جبل أولياء، فقد أظهرت هذه الحادثة غضباً عارماً وسط غالبية الأوساط السودانية باعتبار أن تدمير البنى التحتية سيضر بقدرات البلاد واقتصادها.

ويؤكد عضو تجمع قدامى المحاربين السودانيين اللواء معتصم العجب لـ”اندبندنت عربية” أن قوات “الدعم السريع” تفتقد القوة التدميرية لعمليات مثل تدمير الجسور، التي تتمثل في الطيران الحربي وفرق سلاح المهندسين، فمثل هذا العمل يتطلب كمية كبيرة من التفجيرات.

وأشار العجب إلى أن هناك وسائل أفضل من القيام بتدمير الجسور، وذلك من خلال استخدام القناصة والمراقبة اللصيقة بإحكام بتفتيش المركبات العابرة للجسر.

ونوه بأنه على رغم أن الجيش السوداني وصل إليه دعم كبير من الطيران والمسيرات والمستنفرين، فإن كل ذلك لا يحسم المعركة، لأن ما يجري في الخرطوم هو حرب مدن لا تحسم إلا بواسطة قوات مشاة تمتلك تدريباً عالياً ورفيعاً، وهو غير متوفر لدى القوات المسلحة السودانية، لذلك فالوضع الميداني ما زال في صالح “الدعم السريع” لجاهزيتها التامة في هذا النوع من الحروب، ومعرفتها الدقيقة بمدن العاصمة الثلاث، نظراً إلى وجودها فيها لسنوات عدة قبل اندلاع الحرب.

وبين عضو تجمع قدامى المحاربين السودانيين أن من الصعب التنبؤ بما سيحدث من تطورات ونهايات لهذه الحرب، فـ”الدعم السريع” يفتقد تعاطف المواطنين معه، بالنظر إلى ما قام به من عمليات نهب وسرقة لممتلكاتهم، فضلاً عن انتهاكات حقوق الإنسان وبخاصة عمليات الاغتصاب.

تطور خطر

وأشار القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) مصباح أحمد إلى أن الاتجاه لتدمير البنى التحية واستخدامها في أدوات القتال تطور خطر يخالف القوانين الدولية ويعتبر من جرائم الحرب، وينذر بأن المعارك الدائرة بين طرفي الصراع في طريقها إلى الانزلاق نحو اتجاهات أكثر خطورة وبخاصة مع تنامي الدعوات من فلول النظام البائد بتدمير الكباري والمنشآت الحيوية، وتزايد الخطاب الداعي إلى استمرار الحرب وتوسعها، ومحاولة جر المكونات القبلية للدخول فيها.

وأضاف أحمد لـ”اندبندنت عربية”، “لهذا فإن طرفي الحرب يتحملان كامل المسؤولية الجنائية والسياسية والأخلاقية والدينية إذا لم يوقفا هذا العبث بمقدرات الشعب السوداني، ويواصلا التفاوض بجدية وصدق لوقف هذه الحرب اللعينة فوراً، والاتجاه نحو الحلول السلمية التي تجنب البلاد مزيداً من التدمير وإراقة الدماء”.

وأكد أن تبادل الاتهامات بين الطرفين في ما يتعلق بتدمير الجسور لا يعفيهما من المسؤولية، لهذا فإن التحقيق الجاد والشفاف في هذه الجرائم التي ترقى إلى جرائم الحرب ضروري ومهم لتحديد المسؤولية ومحاسبة الجناة، لافتاً إلى أن الشعب السوداني برمته وقع ضحية هذه الحرب العبثية، وليس هنالك أي مبررات أخلاقية لاستمرارها، ويجب العمل على إعلاء المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.

وبين القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير أن القوى المدنية أيضاً عليها مسؤولية توحيد صفوفها ورؤاها، وتكثيف التواصل مع طرفي الحرب وتنسيق المبادرات الداخلية والخارجية، لدعم منبر جدة التفاوضي للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، ومن ثم الانتقال إلى الحل السياسي الشامل عبر العملية السياسية التي لا تستثنى إلا داعمي الحرب ومشعليها، منوهاً بأن الحراك المدني الأخير الذي شهدته كل من أديس أبابا والقاهرة يصب في هذا الاتجاه، لا سيما بعد تكوين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) التي جمعت طيفاً واسعاً من قوى الثورة، وينتظر أن تستكمل عملية توسعها وبناء الجبهة المدنية الديمقراطية عبر المؤتمر التأسيسي المنتظر عقده نهاية ديسمبر (كانون الأول) بعد استكمال الاتصالات مع بقية الأطراف المدنية.

عدم الضرر

بحسب مسؤول رفيع في وزارة الري السودانية، فإن خزان “جبل أولياء” الذي شيد عام 1937 لم يتضرر أو يتأذى بسبب تدمير جسر متحرك مبني عليه ويتم التحكم فيه آلياً.

وأوضح أنه تم رفع الجزء المتحرك في الجسر الحديدي الذي يستخدم لتمكين البواخر النيلية من العبور وذلك بغرض منع مرور قوات “الدعم السريع”.

ولفت المسؤول السوداني إلى قيام قوات “الدعم السريع” بقصف الجسر، مما أدى إلى تدميره وسقوطه قرب إحدى بوابات الخزان. وجزم بعدم تعرض السد لأي تلف، كما لا يوجد أثر لتفجير.

في حين دانت وزارة الخارجية السودانية في بيان ما سمته بالجريمة الإرهابية البشعة التي ارتكبتها الميليشيات المتمردة فجر أمس بقصفها جسر خزان “جبل أولياء” مما أدى إلى تدميره.

وقالت الوزارة في بيانها “إن تلك الجريمة الإرهابية تتزامن مع استمرار المجازر الجماعية من الميليشيات الإرهابية ضد المدنيين والبلدات والقرى الآمنة في مناطق مختلفة من البلاد”. متهمة قوات “الدعم السريع” بالاعتداء على قرى منطقة الجمعية الواقعة جنوب غربي أم درمان، وقتلها أعداداً كبيرة من الأهالي بدم بارد. واستمرار قصفها المناطق السكنية الآمنة.

قتل جماعي

من جهتها، استنكرت مجموعة “الترويكا” بشدة أعمال القتل الجماعي في إقليم دارفور المضطرب بعد هجمات نفذتها قوات “الدعم السريع”.

وأكدت “الترويكا” وهي تجمع دول يضم الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، في بيان أن تلك الانتهاكات تضمنت أعمال قتل جماعي، بما في ذلك استهداف إثني لغير العرب والمجتمعات الأخرى، وقتل القادة الأهليين.

ودانت المجموعة العنف المتزايد وانتهاكات حقوق الإنسان في السودان، وبخاصة الهجمات التي تشنها قوات “الدعم السريع” في غرب ووسط وجنوب دارفور.

وأشارت إلى تقارير موثوقة أوضحت أن الهجمات تضمنت أعمال قتل جماعي، وعمليات الاعتقال التعسفي وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

كما أعربت المجموعة عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن أعمال عنف واستهداف للمدنيين في منطقة جبل أولياء جنوب الخرطوم.

وأشارت إلى أنه ما من حل عسكري مقبول للصراع. ودعت إلى إنهاء الاقتتال، وحثت قوات “الدعم السريع” والقوات المسلحة على الامتناع عن الأعمال التي من شأنها أن تزيد من تقسيم السودان على أسس عرقية أو تجر قوى أخرى إلى الصراع الدائر بينهما.

subtitle: 
مجموعة "الترويكا" تستنكر أعمال القتل الجماعي في الإقليم المضطرب بعد هجمات "الدعم السريع"
publication date: 
الأحد, نوفمبر 19, 2023 – 14:30

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى