<p class="rteright">منذ انهيار شبكة الكهرباء الحكومية في لبنان اضطرت العائلات إلى إنفاق معظم دخلها الشهري على مولدات خاصة (أ ف ب)</p>
فشل الحكومات المتعاقبة بمعالجة أزمة الكهرباء في لبنان والتداعيات الخطيرة التي تشكلها على القطاعات الإنتاجية دفعت بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” للمرة الأولى في تاريخها، إلى تصنيف حق المواطن بالحصول على الكهرباء من ضمن حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية وبذلك إلى اعتبار تقاعس السلطات اللبنانية من خلال إدارتها الكارثية لقطاع الكهرباء، ترتكب انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان.
وفي سابقة لاقت ترحيباً في أوساط الرأي العام اللبناني، أصدرت المنظمة الدولية تقريراً مفصلاً حول أزمة الكهرباء في لبنان مبني على نتائج دراسة من 113 صفحة شملت 1200 أسرة لبنانية، كشفت من خلاله كيف يؤدي نقص الكهرباء إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة في المجتمع اللبناني، وتأثيره على قدرة المواطنين في الحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية إضافة إلى التأثير على البيئة وصحة الناس.
التفاوت الاجتماعي
وجاء في التقرير الصادر بعنوان: “كأنك عم تقطع الحياة: تقاعس لبنان عن ضمان الحق في الكهرباء” أن السلطات اللبنانية تقاعست عن ضمان “الحق في الكهرباء”، بسبب سوء إدارتها للقطاع على مدى 30 عاماً، ويحد ذلك من حصول اللبنانيين على حقوقهم الأساسية مثل الحق في الماء والتعليم والرعاية الصحية.
واستناداً إلى مسح تمثيلي واسع النطاق لوضع الأسر اللبنانية ومقابلات مع خبراء في الطاقة، كشف التقرير تكيف سكان لبنان في ظل تقاعس الدولة عن توفير أكثر من ساعة أو ساعتين من الكهرباء في اليوم، والنسبة المئوية التي يخصصها الأفراد من دخلهم للحصول على الكهرباء من مصادر خاصة، وكيف يتسبب هذا النظام في تفاقم عدم المساواة في البلاد، وتأثير نقص الكهرباء على قدرة الناس على تحقيق أبسط حقوقهم، مما يدفع بهم إلى مزيد من الفقر.
وقالت نسبة عالية من الذين شملهم المسح إن انقطاع الكهرباء أثر على قدرتها على القيام بالمهمات المنزلية العادية المرتبطة بالحقوق، مثل الحصول على الماء أو طهي الطعام أو المشاركة في أنشطة التعليم والعمل، ودفع تكاليف الخدمات الطبية وغيرها من الخدمات الحيوية.
في غضون ذلك، قال خمس العائلات، وهم أفقر من تمت مقابلتهم، إنهم لا يستطيعون توفير الكهرباء من المولد، مما يتركهم في الظلام لساعات طوال في اليوم، إذ تمثل فواتير المولدات حوالى 44 بالمئة من متوسط الدخل الشهري للأسرة، وتضاعف ذلك بالنسبة للأسر الأشد فقراً في البلاد.
واستشهدت “هيومن رايتس ووتش”، بمتوسط الدخل الشهري للبنان عند 122 دولاراً، حيث يكسب 40 بالمئة من الأسر حوالى 100 دولار أو أقل شهرياً و90 بالمئة يكسبون أقل من 377 دولاراً في الشهر.
وأشار التقرير إلى أن اعتماد منظومة الكهرباء في لبنان على محطات تعمل بزيت الوقود الثقيل وعلى مولدات المازوت ساهم في تلوث الهواء بشكلٍ كبير، ما أثر بشدة على البيئة وتسبب في تداعيات وخيمة على صحة السكان، وأدى إلى وفاة الآلاف منهم كل عام بحسب بيانات “غرينبيس”.
ولفت إلى أن الحكومة اللبنانية لم تستثمر في مصادر الطاقة المتجددة، رغم أنها قدرت أن موارد لبنان من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يمكن أن تزود البلاد بأضعاف حاجتها من الطاقة، إذ بلغت حصة مصادر الطاقة المتجددة في العام 2019 من إجمالي إنتاج الكهرباء في لبنان 7.83 بالمئة، منها 0.73 بالمئة من الطاقة الشمسية و1.82 بالمئة من الطاقة الكهرومائية.
وفي السياق أكدت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش” لما فقيه، إن عبء نقص الطاقة في لبنان يتحمله الفقراء بشكل غير متناسب، لافتة إلى أن سبب تركيز المنظمة على أزمة الكهرباء دون سواها من أزمات في لبنان لاعتبار أن حلها يعتبر مفتاحاً ضرورياً يسبق حل أزمات أخرى يصارعها المواطن اللبناني يومياً، مضيفة أنه لا يمكن حل أزمة المدارس إن لم تكن الكهرباء متوفرة كذلك الأمر بالنسبة لأزمة المستشفيات والدواء وغيرها.
وقدمت مثالاً على ما تعانيه بعض الأسر بحسب الدراسة، وقالت ان “بعض العائلات تضطر إلى الاختيار بين إطعام أولادها أو شراء الدواء وذلك بسبب ما تهدره من أموال لتدفع للمولدات مقابل الحصول على ما يقارب 5 إلى 6 ساعات من التغذية الكهربائية في اليوم الواحد”، موضحةً أن المنظمة “احتاجت بعض الوقت لتحليل الدراسة والتعمق بها قبل عرض نتائجها بسبب الكم الهائل من الداتا التي حصلت عليها”.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشفت أن السياسيين والأشخاص المرتبطين بالطبقة السياسية، يستخدمون قطاع الكهرباء لتعزيز أهدافهم السياسية، من خلال توزيع الوظائف في هذه الشركة التي تديرها الدولة لجني أرباح هائلة من العقود المربحة، غالباً على حساب الدولة، وجني الأرباح من قطاع المولدات الخاصة.
بيان “مسيس”
في المقابل اعتبر مصدر مسؤول في وزارة الطاقة أن بيان “هيومن رايتس وتش”، هو بيان سياسي هدفه التصويب على خطة الوزارة لتحسين التغذية الكهربائية من خلال عملها على رفع التعديات عن الشبكة الكهربائية والقيام بإصلاحات إدارية وتقنية.
ولفت إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان حسنت ساعات التغذية، انطلاقاً من خطة الطوارئ التي أعلنتها وزارة الطاقة، وأُعطيت بموجبها سلفة خزينة لاستيراد الفيول وزيادة التغذية وصولاً إلى نحو 4 ساعات يومياً.
واعتبر أن ما قامت به الوزارة من رفع للأسعار ووضع خطة لتحسين الجباية كان يفترض أن يذكر في بيان المنظمة الدولية ولا تكتف بتوصيف الوضع ورمي الاتهامات، مطالباً “هيومن رايتس وتش” بذكر قانون قيصر الذي برأيه كان أحد أبرز أسباب عرقلة استجرار الطاقة من الأردن والغاز من مصر.
تسعيرة صادمة
وبداية الشهر الماضي دخلت التسعيرة الجديدة للطاقة حيز التنفيذ، وباتت الأسعار بـ 10 سنتات للكيلوواط ساعة لأول 100 كيلوواط، و27 سنتاً لكل كيلوواط ساعة للاستهلاك فوق ذلك، يضاف إلى ذلك تعرفة شهرية ثابتة قيمتها 21 سنتاً أميركياً لكل أمبير و4.3 دولارات بدل تأهيل، في حين أن كلفة الكيلوواط ساعة كانت في السابق 135 ليرة لبنانية، وبدل رسوم حوالى 25 ألف ليرة، أي أن قيمة الفواتير كانت تتراوح بين 50 و300 ألف ليرة شهرياً، بينما بات معدلها حالياً بين ثلاثة وأربعة ملايين ليرة لبنانية، يضاف إليها فاتورة المولدات الخاصة التي تصل إلى 10 ملايين ليرة للاشتراك بـ 5 أمبير فقط.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فالتسعيرة الجديدة ليست ثابتة، كونه سيتم احتسابها على سعر صرف منصة “صيرفة”، والذي بات يتجاوز الـ 73 ألف ليرة للدولار الأميركي مضاف إليه نسبة 20 في المئة.
لن ندفع
الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء واقتصار ساعات التغذية على ساعات قليلة خلال النهار، دفع عدد كبير من المواطنين للإعلان عن رفضهم دفع الفواتير وإطلاق حملة تحت تحمل شعار “مش دافعين” احتجاجاً على ما اعتبروه الفوضى والاستنسابية في التسعير.
ويعتبر المحامي ريشار شمعون وهو من الناشطين والمشاركين في حملة “مش دافعين”، أن ما يحصل هو ظلم كبير بحق الشعب، وبالتالي لا بد من العصيان المدني أي المقاومة السلمية الحضارية التي تندرج في إطار الممارسة الديمقراطية لواجبات المواطن وحقوقه.
ويوضح أنه باسم مؤسسة كهرباء لبنان استهلك من المواطن 40 مليار دولار كحد أدنى سرقة وهدر وذلك بحسب ما يشير إليه البنك الدولي، وما زال القيمون على هذه المؤسسة يسرقون ويهدرون المال العام، وهذه جريمة يجب مكافحتها والعمل على رفع ضررها.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com
قام وفد من نادي التضامن صور بزيارة إلى دولة الرئيس نبيه بري، راعي الرياضة وقائد…
حذرت المديرية العامة للدفاع المدني المواطنين من مغبة إشعال النيران في المناطق الحرجية أو المحاذية…
استشهد صباح اليوم الشيخ حسين عزات عطوي، من بلدة الهبارية – قضاء حاصبيا مرجعيون، في…
اقيمت قبل ظهر اليوم، مراسم تكريمية ووداعية في باحة مستشفى الشيخ راغب حرب في تول…
نشر موقع “الخنادق” المعنيّ بالدراسات الإستراتيجية والأمنية تقريراً جديداً تحدّث فيه عن الجوانب الأمنية والاستخباراتية…
عاد الحديث مُجددا عن إمكانية طباعة أوراق نقدية من فئات جديدة بالليرة اللبنانية وذلك بعد…