مقالات

هكذا تدرّج موقف “الثنائي” من انتخاب عون

كتب عماد مرمل في الجمهوريه :

شكّل فارق الساعتين بين الدورتين الأولى والثانية في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وقتاً كافياً ليخلط «الثنائي الشيعي» الأوراق في صندوق الاقتراع، ويعيد هندسة الأرقام في الشكل الذي سمح بتطوير الحاصل الانتخابي للعماد جوزاف عون من 71 صوتاً إلى 99 صوتاً تتوافر فيها المقومات الميثاقية.

إذا كانت جلسة انتخاب جوزاف عون بعد شغور دام اكثر من عامين قد حملت علامات فارقة عدة، فإنّ إحداها تمثل في التكتيك المدروس الذي اتبعه الثنائي حركة «امل» و»حزب الله» في التعامل مع مجريات الدورتين الأولى والثانية، وفق سيناريو محضّر سلفاً وغني بالرسائل السياسية التي يمكن اختصارها وفق القريبين من الحركة والحزب بالآتي:

ـ بعدما كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قد لمح في وقت سابق إلى إمكان إجراء الانتخابات الرئاسية بلا المكون النيابي الشيعي، بدا هذا المكون هو اللاعب الأساسي والمحوري الذي استطاع أن يحسم نتيجة الجلسة في الشوط الثاني بـ»أصواته التفصيلية».

ـ أعاد «الثنائي» تثبيت موقعه في التوازنات الداخلية والتأكيد انّها لا يمكن أن تتأثر بأي تحولات خارجية.

ـ إذا كان تفاهم معراب بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» شكّل عام 2016 ممراً الزامياً للعماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، فإنّ تفاهم اللحظات الأخيرة بين العماد جوزاف عون وحركة «امل» و«حزب الله» كان معبراً ضرورياً لإنجاز عملية الانتخاب في مطلع العام 2025 بسلاسة.

ـ تعمّد «الثنائي» تأجيل التصويت لجوزاف عون إلى الدورة الثانية حتى يتمّ تظهير الفارق الذي صنعته أصواته بشكل واضح. وبهذا المعنى أوحى بأنّه كان «بيضة القبان» في الجلسة ولولاه لما تمّ تجاوز عتبة اكثرية الثلثين.

ـ سمح موقف «الثنائي» بتحقيق توازن في معادلة انتخاب جوزاف عون بدل ان تكون للآخرين النسبة الاكبر من «الأسهم السياسية» في القصر الجمهوري.

ـ قدّم «الثنائي» موافقته على انتخاب جوزاف عون كحصيلة للتفاوض معه ومع الرعاة الاقليميين والدوليين حول ضمانات تتصل بالمرحلة المقبلة، وليس كانعكاس لتدخلّات وإملاءات خارجية. وتفيد المعلومات انّ الثنائي حصل على التزامات محدّدة من أطراف الخماسية، كذلك ساهم لقاء رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل مع جوزاف عون، في توضيح بعض الأمور ونيل أجوبة مريحة حول تساؤلات مطروحة.

ـ أكّد «الثنائي»، خصوصاً «حزب الله»، لخصومه بأنّهم يرتكبون خطأ كبيراً في التقدير حين يعاملونه في اعتباره مهزوماً وضعيفاً في الداخل بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، والدليل هو الدور المفصلي الذي أداه في جلسة الأمس الانتخابية.

ـ يعتبر «الثنائي» انّه أثبت صحة معادلة التوافق التي نادى بها منذ البداية لتأمين انتخاب الرئيس، وعدم قدرة أي طرف على الإتيان بالرئيس من دون تقاطعات وطنية، إذ لفّت الأمور ودارت لتعود في نهاية المطاف إلى خيار التوافق الذي جمع الأضداد حول اسم واحد.

ـ من الأساس لم يضع «حزب الله»، و«الثنائي» عموماً، «فيتو» على اسم العماد جوزاف عون كما صرّح مسؤول وحدة التنسيق والارتباط وفيق صفا قبل أيام، وبالتالي عندما انسحب سليمان فرنجية من السباق الرئاسي، بقي الحزب منسجماً مع ما طرحه صفا.

ـ أظهر «الثنائي» انّه يقارب المرحلة الجديدة بمقدار كبير من الواقعية من دون أن يتخلّى عمّا يعتبرها ثوابت ومرتكزات استراتيجية في خطابه وسلوكه. وهذه البراغماتية تمثلت في قدرته على نسج خيوط التقاطع على اسم جوزاف عون مع خصوم الداخل والخارج.

Zeino Mroue

Recent Posts

إيران تعلن توجيه “أكبر ضربة استخبارية في التاريخ” ضد إسرائيل

أعلن إعلام إيراني رسمي، اليوم السبت، نقلا عن مصادر مطلعة، بأن جهاز الاستخبارات الإيرانية، شن…

يومين ago

الزرارية تحتضن المعرض الجامعي الأكاديمي الأول في مؤسسة سعيد وسعدى فخري الإنمائية

نظمت "مؤسسة سعيد وسعدى فخري" الانمائية في بلدة الزرارية " المعرض الجامعي الاكاديمي الاول "…

أسبوع واحد ago

جردة حساب: هؤلاء الرابحون والخاسرون

كتب عماد مرمل في للجمهورية أما وأنّ الانتخابات البلدية والاختيارية انتهت، فإنّ القوى السياسية التي…

أسبوعين ago

خلافات بين أمل وحزب الله

شهدت الانتخابات البلدية الأخيرة في عدد من البلدات الجنوبية خلافات بين حركة "أمل" و"حزب الله"…

أسبوعين ago

Trade | Khám Phá C54 – Đột Phá Trong Lĩnh Vực Khoa Học Công Nghệ | 58-2025

c54 đang trở thành một từ khóa nổi bật trong nhiều lĩnh vực khoa học…

أسبوعين ago

اللقاء الوطني” يحيي عيد التحرير ويستغرب الغياب: ألهذا الحدّ يزعجهم النصر

اللقاء الوطني للعاملين في القطاع العام"، بيانا لمناسبة  عيد المقاومة والتحرير، قال فيه : يطل علينا عيد…

أسبوعين ago