أخبار عربية وإقليمية

وثائق: حافظ الأسد وسيط تهدئة لوقف حرب الناقلات في الثمانينيات


<p>الرئيس العراقي صدام حسين عام 1987 (أ ف ب)</p>

تأخذ الأحداث الأمنية الجارية في البحر الأحمر كثيراً من انتباه المتابعين وقادة دول المنطقة والعالم لما تحمله من تأثير في التجارة العالمية وأمن المنطقة في الوقت عينه.

“حرب الناقلات” مصطلح كثيراً ما رافق حرب الخليج الأولى بين عامي 1980 و1988 ويردده كثيرون اليوم مع ما تشهده مياه البحر الأحمر من عمليات متكررة، كان آخرها استهداف الميليشيات الحوثية سفينة بريطانية وتوعدهم بتوسيع العمليات، رداً على ما يحدث في قطاع غزة.

تحت عنوان “حرب الناقلات في الثمانينيات”، نشرت مجلة “المجلة” وثائق رسمية سورية “كتبت من منظور سوري للأمور”، تتضمن رسائل بين الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد وقادة عرب وإيرانيين، وتمحورت حول محاولات تهدئة الوضع في مياه الخليج في ثمانينيات القرن الماضي، ومحاولة الأسد “الذي كان يقف ضد صدام في حربه، التوسط بين طهران ودول عربية، لوقف حرب الناقلات ومنع اتساعها”.

هذه الرسائل التي تقول “المجلة” إنه “لا شك في أنها لا تعكس كل ما كان يدور في تلك السنوات العاصفة، لكنها تعطي فكرة عن بعض جوانب ما كان يجري في الغرف المغلقة”، وتكشف المواقف غير العلنية للأطراف حينها بما فيها التحذيرات السعودية من تداعيات الاستهداف الإيراني للسفن الخليجية وما قد يسببه ذلك من تدخل عسكري أميركي في المنطقة.

 

التحريض الإيراني

وأبرزت “المجلة” في هذه الوثائق زيارة قام بها وزير الخارجية الإيراني علي أكبر ولايتي في مطلع يناير (كانون الثاني) لدمشق والتقى خلالها الرئيس حافظ الأسد ووزير الخارجية وقتذاك عبدالحليم خدام. وبحسب محاضر اجتماعات رسمية، حذر الأسد الإيرانيين من أن “توسع رقعة الحرب سيؤدي إلى تدخل قوات خارجية للسيطرة على المنطقة وعلى مواردها”.

وتذكر “المجلة” تفاصيل عن توجه خدام إلى السعودية بتكليف من الأسد، للقاء ولي العهد الأمير فهد بن عبدالعزيز، وإطلاع القيادة السعودية على نتائج زيارة ولايتي. ويروي خدام كيف أن الأسد “طرح للوزير الإيراني الوضع في المنطقة والأخطار المحدقة بها، وتحدث عن الصراعات الجارية وانعكاساتها على المنطقة كلها وأنها تشكل تهديداً للجميع. وتحدث عن قيام السعودية ودول الخليج بالاعتراف بالثورة الإسلامية في إيران ومد يد التعاون لها.. كما أبلغه رغبة المملكة في التعاون… وقد مدت الدول الخليجية الأخرى أيديها وفتحت قلوبها للثورة الإسلامية وكيف أراد العرب أن يتعاونوا مع هذه الثورة وكيف كانت تصدر تصريحات من طهران ضدهم… وزاد الرئيس الأسد عن الانطباع الذي تولد بأن إيران تعمل للتدخل في شؤونهم (الدول الخليجية) الداخلية وأن لها مطامع في المنطقة”.

وبحسب “المجلة”، قال خدام في أوراقه، “قاطعني الأمير فهد بقوله إن هذه التصريحات التي طلعوا بها علينا تحرض على الفتنة والاختلاف بين المسلمين وتضر بالعقيدة الإسلامية… وكذلك ما ينشر في الصحف والإذاعة ووسائل الإعلام المختلفة وما فعلوه في الحرم الشريف في موسم الحج وإلقاؤهم خطابات لا تليق بقدسية المكان لدى المسلمين ولدى الثورة الإيرانية”.

عرض إيراني للسعودية

ومن ضمن ما كشفته الوثائق السورية، نقاطاً محددة نقلها خدام للجانب السعودي ووافق عليها ولايتي أمام الرئيس الأسد، ومن ضمنها “رغبة الإيرانيين في إقامة علاقات طبيعية وحسنة مع السعودية ودول الخليج”، “عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة من دول المنطقة”، وفي النقطة الأخيرة تأكيد الإيرانيين بالنسبة لموسم الحج، أنهم “لم يفعلوا شيئاً يمس السيادة السعودية أو الشؤون الداخلية للسعودية، وأنهم فقط أطلقوا شعارات عداء لأميركا وإسرائيل، ولكن الموظفين السعوديين منعوهم. وقال إن هذه الشعارات لم تكن ضد السعودية”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى النقطة الأخيرة علق الأسد أمام ولايتي بالقول، “إن ذلك يحدث تشويشاً، فإذا شاءت كل دولة أو مجموعة أن تطرح شعارات في موسم الحج بحسب ما تريد، فتصور مليون شخص أمامك، ماذا يحـدث؟ فوضى كبيرة لا أحد يعرف مدى أثرها السيئ على المسلمين”.

وبحسب وثائق “المجلة”، رد ولايتي على الأسد مبدياً استعداد إيران “لوقف الحملات الإعلامية من المؤسسات التي تسيطر عليها الدولة”، وإرسال بعثة حسن نوايا إلى كل من السعودية ودول الخليج واستقبال بعثات مماثلة في طهران.

ومقابل ذلك، طلب الإيرانيون من السعوديين، بحسب خدام، “وقف التدخل في الحرب إلى جانب العراق”، فيما قال الأسد إنه سيبلغ السعودية مضمون هذه المحادثات، و”نأمل أن نتمكن من إخبارهم بأن لديكم الرغبة وموافقون لنطلب منهم مباشرة تنفيذ هذه الخطوة للتدليل على حسن النوايا”.

 

العلاقة الخليجية – السورية

وثيقة أخرى نشرتها “المجلة” تناولت اللقاء الذي جمع وزير الإعلام السوري أحمد إسكندر مع مسؤول سعودي في فبراير (شباط) 1983، وتضمنت ما طلبه العراقيون من الدول الخليجية في شأن تنفيذ اتفاق الدفاع العربي المشترك، ورد الخليجيون بالقول لهم مباشرة، “تطلبون أن نقاتل معكم، لكن هل استشرتمونا في بدء الحرب، هل أطلعتم أحداً من العرب على خطتكم لمحاربة إيران، ألم تكن هناك طرق أفضل وأكثر ضماناً من الحرب المدمرة؟”.

ويتابع المسؤول السعودي أن “العراقيين يوفدون وزراءهم لدول الخليج ويطلبون منها عدم استقبال المبعوثين الإيرانيين، وهذا اضطرنا لأن نقول لهم ليس لكم حق في ذلك، وبأي حق تطلبون منها ما تطلبون، إننا نفهم جيداً علاقة سوريا بالعراق، وأن الحق معكم في سوريا، فقد أساءوا إليكم كثيراً وبغير حق. لو كنا نثق بصدام ونضمنه لكنا اقترحنا عليكم شكلاً من أشكال الوفاق أو تهدئة الأمور، لكننا نعرف أن هذا غير ممكن، فقد أساء صدام إلى سوريا كثيراً، ونحن نعرف أنكم في بداية الحرب وحتى انقضاء عام ونصف، كما أذكر، لم تتحركوا ضد العراق بأي عمل، ونعرف أنكم لم تكونوا تريدون هذه الحرب، ولا نحن نريدها”.

subtitle: 
"المجلة" تنشر تفاصيل عرض إيراني نقله خدام للسعودية مقابل وقف دعم صدام في الحرب
publication date: 
الاثنين, فبراير 19, 2024 – 17:15

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى