أخبار محلية

الضرائب على الاستهلاك: الطريق الأسهل للتعامل مع الأزمة

الضرائب على الاستهلاك: الطريق الأسهل للتعامل مع الأزمة

كتب ماهر سلامة في “الأخبار”:

 

ما كان واضحاً في مشروع قانون موازنة 2022 أنه يهدف إلى خفض الاستهلاك عبر فرض الضرائب. من شأن ذلك أن يصحّح أرقام الحسابات الخارجية المتمثّلة بميزان المدفوعات. وهو سلوك لا يمكن تفسيره إلا بأنه يخدم أصحاب رؤوس الأموال على حساب الفئات الإجتماعية المهمّشة، ويرضي في الوقت نفسه صندوق النقد الدولي. ففي سبيل هذا التصحيح، لا تعطي الموازنة أهمية كبيرة للإنفاق على القطاعات المنتجة، لا من خلال ميزانيات وزارتي الزراعة والصناعة، أو بدعم القروض الاستثمارية في القطاعين. علماً بأن خفض الاستهلاك وانعدام الاستثمار يؤدّيان إلى مزيد من التقلّص في الناتج المحلّي اللبناني. هذه السياسة المالية هي عكس ما تقوم به الدول عادة خلال الأزمات المشابهة التي تفرض التوسّع في الموازنة وتغليب الإنفاق الإستثماري بغية تحفيز الاقتصاد.

تظهر أرقام مشروع موازنة 2022 أن التركيز الأكبر للإيرادات يقوم على الضرائب التي تمثّل نحو 85% من مجمل الإيرادات مقارنة مع 77% في موازنة 2021. والحصّة الأكبر من الضرائب المقترحة تطال السلع والخدمات عبر ضريبة القيمة المضافة، والرسوم الجمركية على الاستيراد. فقد ازدادت الضرائب على السلع والخدمات، وهي جزء من الضريبة على الاستهلاك، بنحو 424% مقارنة بموازنة 2021، وزادت الضرائب على الأملاك المبنية بنسبة 217%، والضرائب على الدخل والأرباح ورؤوس الأموال بنسبة 20%.

زيادة الإيرادات عبر الضرائب على الاستهلاك بات يمثّل 80% من الناتج المحلّي اللبناني. وكنتيجة تلقائية لهذه الزيادة، سيتقلّص حجم الاستهلاك، ومعه سيتقلّص الناتج المحلّي الذي يتكوّن من: الاستهلاك، الاستثمارات الخاصّة، الاستثمارات العامّة، وصافي الصادرات (أي الفرق بين الصادرات والواردات). ومع تقلّص حجم الاستهلاك من دون إجراءات تعزّز العناصر الأخرى، ستكون النتيجة الحتمية انكماشاً اقتصادياً إضافياً.

يهدف تقليص الاستهلاك إلى تحسين أرقام الحسابات الخارجية، أي حسابات تدفّق النقد الأجنبي من الخارج واليه. ولأن معظم الاستهلاك اللبناني مستورد، فإن مفاعيل الخفض تظهر مباشرة في عجز الميزان التجاري ومنه إلى عجز الحساب الجاري الذي يختزل صافي التدفقات بالعملات الأجنبية الداخلة (الفرق بين ما دخل وما خرج) إلى البلد، والناجمة بشكل أساسي من عمليات استيراد وتصدير السلع والخدمات والتحويلات المالية الجارية (تحويلات العمال والدخل وغيرها). هذا الحساب يعاني من عجز مزمن منذ عام 2011.

لا تأخذ الموازنة بالاعتبار الضريبة القهرية التي فرضت على لبنان واسمها ضريبة التضخّم التي تحمّلها كل المقيمين في لبنان وأدّت إلى خفض عجز في الحساب الجاري. بل يبدو أن الحكومة تعتزم إكمال هذا المسار في تحميل كل طبقات المجتمع نتائج الأزمة بشكل ظالم.

 

 

 

 

Zeino Mroue

Recent Posts

Trade | Khám Phá C54 – Đột Phá Trong Lĩnh Vực Khoa Học Công Nghệ | 58-2025

c54 đang trở thành một từ khóa nổi bật trong nhiều lĩnh vực khoa học…

11 ساعة ago

اللقاء الوطني” يحيي عيد التحرير ويستغرب الغياب: ألهذا الحدّ يزعجهم النصر

اللقاء الوطني للعاملين في القطاع العام"، بيانا لمناسبة  عيد المقاومة والتحرير، قال فيه : يطل علينا عيد…

يومين ago

ارتفاع سعر البنزين

ارتفع اليوم، سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 9 آلاف ليرة و98 أوكتان 10 آلاف ليرة،…

يومين ago

حزب الله”- جبل عامل الأولى نظم لقاء اقتصاديًا في صور لمناسبة عيد المقاومة والتحرير

نظم قسم النقابات والعمال في منطقة جبل عامل الأولى في "حزب الله" "اللقاء الاقتصادي الأول…

يومين ago

دورة تدريبية لمباريات وظائف الفئة الثالثة في السلك الخارجي

تنظم دورة تدريبيّة، "لمباريات وظائف الفئة الثالثة في السلك الخارجي"، في مركز التعليم المستمر وكليّة…

يومين ago