فشل دبلوماسية الردع الأميركية أمام إيران


<p class="rteright">إهمال إيران لالتزاماتها الواردة في الاتفاق النووي أظهر رغبة طهران بانتهاكه (رويترز)</p>

خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري طرحت إيران موضوع انتهاء فترة المرحلة الثانية من الاتفاق النووي، واستندت إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2231 وادعت أن من حقها إلغاء العقوبات النووية والاستفادة من حقها في نقل الصواريخ والمسيرات.

على رغم من أن روسيا وإيران انتهكتا عقوبات الأمم المتحدة قبل مضي 8 أعوام من عمر الاتفاق النووي الذي أقر في عام 2015، وعملتا على تبادل الصواريخ والمسيرات فإنه من هذا الشهر فصاعداً يحق لإيران قانونياً نقل السلاح وتبادل الخبرات العسكرية الحساسة.
 
وطبقاً لقرار 2231، فإن الدول التي تعهدت بفرض عقوبات على إيران يحق لها إلغاء العقوبات بعد مضي 8 أعوام من الاتفاق النووي.

لكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا و59 بلداً متحالفاً مع الغرب أعلنوا استمرار الحظر رغم انتهاء فترة العقوبات العسكرية والنووية على إيران.

وقد نص الاتفاق النووي على فترة 10 أعوام لتنفيذ الاتفاق منها فترتان من أربع سنوات إضافة إلى سنتين وتنتهي في 18 أكتوبر 2025 ويشترط التزام إيران بالاتفاق المبرم مع القوى الكبرى.

لكن إهمال إيران لالتزاماتها الواردة في الاتفاق وانتهاك قرار 2231، خاصة بعد عام 2019 أظهر رغبة طهران بانتهاك الاتفاق إذ اجتازت قرار الاحتفاظ بـ 300 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67 ورفعت من نسبة التخصيب إلى 60 في المئة.

وفي عام 2018 وخلال ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي واتهمت إيران بانتهاكه ما أدى إلى إصرار الأخيرة برفع وتيرة الانتهاكات النووية بوتيرة أسرع من ذي قبل.

طبقاً للاتفاق النووي فإن إيران تعهدت بتقليل عدد أجهزة الطرد المركزي من نوع (IR1) من 19 ألف جهاز إلى 5060 جهازاً.

منع انتشار السلاح النووي

كما تعهدت إيران بتنفيذ اتفاقية منع انتشار السلاح النووي بشكل طوعي وبعد 8 أعوام يجب عليها رسمياً قبول هذه الوثيقة بعد طرحها للمصادقة في البرلمان. لكن إيران انتهكت هذه الاتفاقية باستمرار لأنه لم تكن هناك عقوبات رادعة أمامها.

كما قامت بأنشطة نووية في منشأة “فوردو” في حين أن الاتفاق كان قد نص أن الأنشطة هناك يجب أن تقتصر على الدراسات لكنها انتهكت التزامها وقد اجتازت مرحلة حساسة في المنشأة المذكورة وقد اكتفت الدول الغربية والوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار بيانات إدانة.

ومن ضمن التمرد الذي أبدته طهران اكتشاف آثار يورانيوم مخصب بنسبة 83.7 من قبل الوكالة الدولية فضلاً عن انتهاكها السابق برفع نسبة تخصيب اليورانيوم من 20 إلى 60 في المئة ما يجعلها تنتقل من مرحلة التخصيب بنسب متدنية إلى نسب تقترب من الاستخدام للأغراض العسكرية. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبلت تذرع إيران بأن هذه النسبة حدثت على سبيل الصدفة وأن ذلك حدث خلال نقل وتغيير أجهزة الطرد المركزي.

وفي عام 2020 وبعد مضي عام من وصول جو بايدن إلى الإدارة الأميركية، أقدم البرلمان الإيراني على صياغة قانون يكلف الحكومة بالتخلي عن الاتفاق النووي في حال عدم امتثال الطرف الآخر إلى إلغاء العقوبات النووية خلال شهر.

وفي فبراير (شباط) 2021 أقدمت طهران على خطوة انتقامية بإزالتها كاميرات وأجهزة الرقابة في منشآتها النووية وفرضت قيوداً على عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولم يلق هذا الإجراء ردود فعل رادعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما أحدث تقرير لوكالة الطاقة الذرية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد أن ذخائر اليورانيوم المخصب في إيران شملت 3795 كغم منها 883 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 2 في المئة و1950 كغم بنسبة 5 في المئة و535 كغم بنسبة 20 في المئة و121 كغم بنسبة 60 في المئة.

“استراتيجية الزناد”

وصنع القنبلة النووية يحتاج 40 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة تكفي للاستخدام العسكري وبهذا الشكل فإن إيران تملك ما يكفي لإنتاج خمس قنابل نووية خلال خمسة أشهر.

وفي يونيو (حزيران) 2022 أعلنت الإدارة الأميركية أن فترة حصول إيران على ما يؤهلها لصنع قنبلة نووية تقلص إلى عدة أسابيع فقط لكنها تمضي بجهودها الدبلوماسية من أجل الاتفاق مع طهران خارج إطار مجموعة 5 + 1.

وفي يونيو هذا العام أبدت الإدارة الأميركية موقفاً مختلفاً وأكدت أن النظام الإيراني لم يقدم على أنشطة جديدة لإنتاج قنبلة نووية لتقوم بتبرير عدم مواجهة طهران.

وفي سبتمبر الماضي، أكدت الدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بأنها تسعى لمنع إيران من إنتاج أسلحة نووية وقد هددت بتفعيل “استراتيجية الزناد” لوقف أي نشاط من شأنه يمكن طهران من إنتاج قنبلة نووية.

وقد أكدت التقارير المختلفة منها التقرير رقم 9870 للبرلمان البريطاني والصادر في 13 أكتوبر الجاري، أن الدول الأوروبية تجيز اللجوء إلى “استراتيجية الزناد” في حال وصلت إيران إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المئة وهي الخطوة التي تمكنها بسهولة من الوصول إلى ساعة الصفر وإنتاج قنبلة نووية.

طبقاً لقرار 2231 الذي قضى بإلغاء 6 قرارات حظر ضد إيران فإن الدول الـ 6 المعنية بمراقبة التزام إيران بتعهداتها النووية عليها التواصل مع مجلس الأمن في حال مشاهدة أي انتهاكات واضحة وأن مجلس الأمن يعمل لبحث مسودة قرار هذه الدول في غضون 30 يوماً ما يمهد إلى عودة العقوبات السابقة.

وفي حال عدم المصادقة على مسودة القرار خلال 30 يوماً، فإن العقوبات المفروضة على إيران بموجب قرار 2231 تعود مجدداً بشكل تلقائي وفي هذه المرحلة تعجز الدول التي تملك حق النقض في مجلس الأمن من تجميد القرار.

وكانت إدارة بايدن قد عينت روبرت مالي ممثلاً لها في شؤون إيران في الخارجية الأميركية وكلفته بالتمهيد للمفاوضات النووية وإعادة الاتفاق النووي.

وكانت جهود مالي قد بدأت خلال ولاية الرئيس السابق حسن روحاني لكنها لم تثمر بسبب عدم رغبة إيران بالوصول إلى اتفاق مع الإدارة الأميركية.

توقف المفاوضات

لكن مع تغيير سياسة إيران ووصول إبراهيم رئيسي إلى الحكم ازدادت حظوظ الاتفاق النووي، لكن هذه المحاولات توقفت في الصيف الماضي، على رغم من أن طرفي المفاوضات (أميركا وإيران) لم يعلنا فشل المفاوضات بينهما.

وبعدها أعلنت مصادر غير رسمية في الولايات المتحدة أن سبب توقف المفاوضات يعود إلى مطالب إضافية من طهران، خاصة إصرارها على إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية.

وبعد تجميد عمل روبرت مالي وكذلك وقوع احتجاجات شعبية واسعة ضد النظام الإيراني بعد مقتل مهسا أميني العام الماضي، فإن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بقيت مجمدة لكن خليفة مالي بدأ مفاوضات مع إيران بحجة تبادل السجناء السياسيين، وهو ما تحقق وتم الإعلان عن تحرير 6 مليارات دولار من أموال إيران ونقلها من كوريا الجنوبية إلى قطر.

أما هجوم “حماس” على إسرائيل واتهام إيران بالتواطؤ مع روسيا في الحرب الأوكرانية أدى إلى وقف الاتفاقات بين واشنطن وطهران بشأن المفاوضات لإزالة الخلافات النووية.

الوضع الحالي للقضية النووية يشبه أزمة تحت رماد حرب “حماس” وإسرائيل بانتظار هبوب رياح تؤدي إلى اشعاله والمنطقة ووقوع أزمة أكثر حدة مما يشهده الشرق الأوسط في الوقت الحالي.

نقلاً عن “اندبندنت فارسية”

subtitle:
الوضع الحالي يشبه أزمة تحت رماد حرب "حماس" وإسرائيل بانتظار هبوب رياح تشعل القضية النووية وتضع أمن المنطقة أمام خطر جديد
publication date:
الاثنين, أكتوبر 23, 2023 – 02:30

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com

Recent Posts

تزامنا مع العاصفة الرملية المرتقبة..الدفاع المدني يوجّه تحذيراً وتنبيهاً هاماً مع تعليمات لتفادي المخاطر

حذرت المديرية العامة للدفاع المدني المواطنين من مغبة إشعال النيران في المناطق الحرجية أو المحاذية…

يومين ago

من هو المستهدف في غارة بعورتا صباح اليوم؟ (صورة)

استشهد صباح اليوم الشيخ حسين عزات عطوي، من بلدة الهبارية – قضاء حاصبيا مرجعيون، في…

يومين ago

الجيش يودّع شهداء الواجب الثلاثة بمراسم مهيبة في مستشفى الشيخ راغب حرب

اقيمت قبل ظهر اليوم، مراسم تكريمية ووداعية في باحة مستشفى الشيخ راغب حرب في تول…

يومين ago

تقرير يكشف أسرار الحرب: كيف استخدمت إسرائيل أمنها واستخباراتها ضد حزب الله؟

نشر موقع “الخنادق” المعنيّ بالدراسات الإستراتيجية والأمنية تقريراً جديداً تحدّث فيه عن الجوانب الأمنية والاستخباراتية…

أسبوع واحد ago

فئة الـ 500 ألف ليرة قريبا في الأسواق

عاد الحديث مُجددا عن إمكانية طباعة أوراق نقدية من فئات جديدة بالليرة اللبنانية وذلك بعد…

أسبوعين ago

مجزرة المسعفين برفح.. الناجي الوحيد يروي ما شاهده من جريمة الاحتلال

أكد مسعف فلسطيني كان موجودًا في واقعة استشهد فيها 15 من زملائه في جنوب غزة…

3 أسابيع ago