انتخابات نيابية في إيران وسط تصاعد الإحباط وواشنطن تطعن بنزاهتها


<p class="rteright">المرشد الأعلى الإيراني يصل للإدلاء بصوته في مركز اقتراع في طهران (أ ف ب)</p>

يصوت الإيرانيون لانتخاب برلمان، اليوم الجمعة، وذكر التلفزيون الرسمي أن مراكز الاقتراع فتحت أبوابها للناخبين، صباح اليوم، ومن المقرر أن يستمر التصويت 10 ساعات، مع إمكانية تمديد الفترة.

وكان المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي وصف التصويت بأنه واجب ديني، أول من أدلى بصوته في إيران، وحض خامنئي الإيرانيين على التصويت “في الساعات الأولى”.

“أعداء” البلاد

واتهم خامنئي “أعداء” البلاد، وهو المصطلح الذي يستخدمه عادة للإشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، بمحاولة خلق اليأس بين الناخبين الإيرانيين.

وتتزامن الانتخابات البرلمانية مع اختيار مجلس الخبراء المؤلف من 88 مقعداً، وهو مجلس له تأثير يتولى مهمة اختيار خليفة خامنئي البالغ من العمر 84 سنة.

انتخابات مجلس الشورى

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام المشاركين في انتخابات مجلس الشورى التي يمثل تحقيق نسبة مشاركة عالية فيها رهاناً رئيساً مع توجه المحافظين نحو الاحتفاظ بمقاليد الحكم.

ودعي أكثر من 61 مليون إيراني للإدلاء بأصواتهم في نحو 60 ألف مركز اقتراع لاختيار أعضاء مجلس الشورى ومجلس خبراء القيادة المسؤول عن تعيين المرشد الأعلى، وهو أعلى سلطة في البلاد.

والمرشد الأعلى علي خامنئي هو عادة أول من يدلي بصوته في الثامنة صباحاً. وحض خامنئي الإيرانيين مجدداً الأربعاء في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية على الاقتراع بكثافة.

وأشار أحدث استطلاع للرأي نشره التلفزيون الحكومي إلى أن 41 في المئة ممن شملهم الاستطلاع سيشاركون في عملية التصويت “بلا شك”.

أول مقياس رسمي

وتنتخب إيران برلماناً جديداً في تصويت يضع شعبية الحكام الدينيين المتشددين في البلاد أمام اختبار في وقت يتصاعد فيه السخط العام على خلفية مشكلات اقتصادية وقيود على الحريات السياسية والاجتماعية، مما يجعل كثيراً من الإيرانيين يرفضون المشاركة في التصويت.

ومع بقاء المعتدلين وأصحاب الثقل من المحافظين خارج السباق ووصف الإصلاحيين له بأنه “انتخابات غير حرة وغير عادلة”، فإن التصويت سيضع المتشددين والمحافظين الأقل ثقلاً في مواجهة بعضهم بعضاً.

وسيكون التصويت أول مقياس رسمي للرأي العام بعد أن تحولت احتجاجات مناهضة للحكومة في 2022 و2023 إلى سلسلة من أكبر الاضطرابات السياسية منذ “الثورة الإسلامية” في 1979.

أدنى نسبة مشاركة

وشهدت الانتخابات التشريعية عام 2020 أدنى نسبة مشاركة منذ إعلان “الجمهورية الإسلامية” عام 1979، إذ لم يدل سوى 42.57 في المئة من الناخبين بأصواتهم خلال الاقتراع الذي جرى في بداية أزمة وباء كورونا، بحسب أرقام رسمية.

وتكتسب مسألة المشاركة في الانتخابات في إيران أهمية كبرى، إذ تقدمها السلطات على أنها دليل لشرعيتها على الساحة الدولية في ظل التوترات الجيوسياسية.

 

“الأعداء يترقبون” 

وقال خامنئي الأربعاء خلال استقباله في طهران جمعاً من الشبان الذين سيتاح لهم الاقتراع للمرة الأولى إن “أعداء إيران يترقبون من كثب حضور الشعب الإيراني… في الساحة الانتخابية”.

وأضاف “يجب النظر إلى الانتخابات من منظور المصلحة الوطنية وليس من منظور فئوي وجماعي”، مؤكداً أن “من يحب إيران وشعبها وأمنها يجب أن يعلم أنه إذا كانت الانتخابات ضعيفة فلن يستفيد أحد وسيتضرر الجميع”.

واعتبر خامنئي أن المشاركة القوية في الانتخابات هي الضامن للأمن القومي. وقال “إذا رأى العدو ضعفاً في الإيرانيين في مجال القوة الوطنية من نواح مختلفة، فإنه سيهدد الأمن القومي”.

وتابع أن “أميركا وسياسات معظم الأوروبيين وسياسات الصهاينة الخبيثين والرأسماليين وأصحاب الشركات الكبرى في العالم الذين يتابعون قضايا إيران لدوافع وأسباب مختلفة… هي الأكثر خشية من حضور الناس في الانتخابات ومن القوة الشعبية لإيران”. 

لكن الانتخابات تعرضت لانتقادات حتى من نشطاء مخضرمين داخل البلاد.

 

واشنطن تطعن في نزاهة الانتخابات

في الأثناء، انتقدت واشنطن الخميس الانتخابات الإيرانية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر “ليس لدي أي توقع بأن تكون الانتخابات الإيرانية حرة ونزيهة، وأظن أن عدداً كبيراً من الإيرانيين لا يتوقعون أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف “لقد تم بالفعل استبعاد آلاف المرشحين في عملية غامضة، ويعرف العالم منذ فترة طويلة أن النظام السياسي الإيراني يتسم بأنظمة إدارية وقضائية وانتخابية غير ديمقراطية وغير شفافة”.

من جانبه، اعتبر الحرس الثوري الإيراني أن “المشاركة القوية” من شأنها أن تمنع “التدخلات الأجنبية” المحتملة في سياق الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة “حماس” الفلسطينية المدعومة من إيران.

وشبه قائد الحرس الثوري حسين سلامي “كل ورقة اقتراع” بـ”صاروخ يطلق في قلب أعدائنا”، بحسب ما نقلت عنه وكالة “تسنيم” الإيرانية.

غياب المنافسة

ويشارك عدد قياسي من المرشحين في الانتخابات يبلغ 15200 مرشح. ولا يتوقع أن تغير هذه الانتخابات التوازنات داخل البرلمان.

ويتوقع أن يعزز الاقتراع قبضة المحافظين على السلطة في غياب بديل لتستمر هيمنتهم الواسعة على المجلس الذي يشغلون حالياً أكثر من 230 مقعداً فيه من أصل 290.

 

وفي ظل عدم وجود منافسة فعلية مع الإصلاحيين والمعتدلين، ستقتصر المواجهة بين المحافظين والمحافظين المتشددين.

ويتوقع أن تصدر النتائج الأحد أو الإثنين.

إيران “بعيدة عن انتخابات حرة” 

ومن المتوقع أن تؤكد هذه الانتخابات تراجع المعسكر الإصلاحي والمعتدل منذ انتخابات 2020 بعدما همشه المحافظون والمتشددون. ولا يأمل هذا المعسكر سوى بحصد بعض المقاعد بعدما استبعد مجلس صيانة الدستور عدداً كبيراً من مرشحيه.

وقالت صحيفة “إيران” اليومية الموالية للحكومة إن هؤلاء الإصلاحيين “فضلوا التخلي عن التصويت من خلال تقديم الأعذار” حتى لا يتعرضوا لانتكاسة في صناديق الاقتراع.

وأسف زعيم التيار الاصلاحي الرئيس السابق محمد خاتمي (1997-2005) لكون إيران “بعيدة جداً عن انتخابات حرة وتنافسية”.

مجلس خبراء القيادة

إلى ذلك سيعزز المحافظون سيطرتهم على مجلس خبراء القيادة، وهي هيئة مؤلفة من 88 عضواً من رجال الدين ينتخبون لمدة ثماني سنوات بالاقتراع العام المباشر، تختار المرشد الأعلى الجديد وتشرف على عمله وعلى إمكان إقالته.

ويتنافس في هذه الانتخابات 144 مرشحاً جميعهم من الرجال، لكن تم استبعاد شخصيات بارزة منها رفضت ترشيحاتها، وفي طليعتها الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني (2013-2021) الذي أبطل ترشيحه لمجلس الخبراء على رغم أنه عضو فيه منذ 24 عاماً.

الاحتجاجات

وقال روحاني الأربعاء إن التصويت هو عمل يجب أن يقدم عليه “أولئك الذين يحتجون على الوضع الراهن” و”يريدون مزيداً من الحرية”.

ودعا روحاني إلى أن تكون الانتخابات “تصويتاً احتجاجياً” لكنه لم يصل إلى حد الدعوة مباشرة إلى المقاطعة، وهو ما ذهبت إليه بعض شخصيات المعارضة ونشطاء في الشتات.

وهذه الانتخابات هي الأولى منذ حركة الاحتجاج الواسعة التي هزت البلاد بعد مقتل الفتاة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد أيام على توقيفها من قبل “شرطة الأخلاق” لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة في البلاد.

وقتل مئات من الأشخاص واعتقل آلاف آخرون خلال الاحتجاجات التي توقفت في نهاية عام 2022.

غلاء المعيشة

ويرى عديد من الإيرانيين أن الهم الرئيس حالياً هو الاقتصاد، إذ تجري الانتخابات في ظل استياء متزايد في البلاد إزاء غلاء المعيشة، ونسبة تضخم تقارب 50 في المئة.

وقالت معصومة، وهي ربة منزل أربعينية، رداً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية في بازار طهران الكبير إن “الأسعار مرتفعة جداً وتستمر في الارتفاع”. 

وأضافت “لا أعتقد أن النواب الذين سيتم انتخابهم سيتمكنون من تحسين الوضع”.

subtitle:
المتشددون يتجهون لإحكام قبضتهم وخامنئي يتهم "أعداء" البلاد بمحاولة خلق اليأس
publication date:
الجمعة, مارس 1, 2024 – 03:00

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com

Recent Posts

تزامنا مع العاصفة الرملية المرتقبة..الدفاع المدني يوجّه تحذيراً وتنبيهاً هاماً مع تعليمات لتفادي المخاطر

حذرت المديرية العامة للدفاع المدني المواطنين من مغبة إشعال النيران في المناطق الحرجية أو المحاذية…

يومين ago

من هو المستهدف في غارة بعورتا صباح اليوم؟ (صورة)

استشهد صباح اليوم الشيخ حسين عزات عطوي، من بلدة الهبارية – قضاء حاصبيا مرجعيون، في…

يومين ago

الجيش يودّع شهداء الواجب الثلاثة بمراسم مهيبة في مستشفى الشيخ راغب حرب

اقيمت قبل ظهر اليوم، مراسم تكريمية ووداعية في باحة مستشفى الشيخ راغب حرب في تول…

يومين ago

تقرير يكشف أسرار الحرب: كيف استخدمت إسرائيل أمنها واستخباراتها ضد حزب الله؟

نشر موقع “الخنادق” المعنيّ بالدراسات الإستراتيجية والأمنية تقريراً جديداً تحدّث فيه عن الجوانب الأمنية والاستخباراتية…

أسبوع واحد ago

فئة الـ 500 ألف ليرة قريبا في الأسواق

عاد الحديث مُجددا عن إمكانية طباعة أوراق نقدية من فئات جديدة بالليرة اللبنانية وذلك بعد…

أسبوعين ago

مجزرة المسعفين برفح.. الناجي الوحيد يروي ما شاهده من جريمة الاحتلال

أكد مسعف فلسطيني كان موجودًا في واقعة استشهد فيها 15 من زملائه في جنوب غزة…

3 أسابيع ago