أخبار محلية

بري قلق على الحريري… و”لا تقتلوا الاغتراب”…

 

بقلم: رضوان عقيل

ينهمك الرئيس نبيه بري بمتابعة جملة من الملفات العالقة على المستويين البرلماني والحكومي في لحظة ينشغل فيها مختلف الافرقاء بالانتخابات النيابية التي يعمل البعض على تحويلها استحقاقا “عالميا” والدخول في بناء الفرضيات والحسابات على نتائجها واستبعاد هذا الاسم او ذاك الحزب او الفريق السياسي عن المشهد في المرحلة المقبلة وربطه منذ اليوم باستحقاق الانتخابات وتأليف الحكومة والرئاسة الاولى. ولا شك في ان ثمة جهات داخلية تتماهى مع مخططات خارجية تعمل على هذا السيناريو ورسم هيكل سياسي جديد في لبنان مع الاخذ في الاعتبار تطورات العراق نموذجاً والنتائج التي حملتها انتخاباته النيابية الاخيرة، ولكن فات هؤلاء ان طبيعة بلاد ما بين النهرين وظروفها تختلف عن حال لبنان. ويبقى المقصود هنا “تقليم الأظافر السياسية” لـ”الثنائي الشيعي” على غرار ما حصل في بغداد.
في موضوع قانون الانتخاب لا يريد بري التعليق عليه بعدما شقّت التعديلات التي ادخلت عليه رحلتها في الجلسة التشريعية، ولا سيما بعدما تم الطعن به واصبح عند المجلس الدستوري الذي تنتظره مهمة شاقة على مدار شهر الى حين تقديم جوابه على هذا الطعن الذي يعول عليه “التيار الوطني الحر”. وسيدخل اعضاء المجلس في “مواجهة قانونية” اذا صح التعبير لحسم مسألة ان النصف زائد واحد هو 59 نائبا أم 65 من جراء استقالة ثمانية نواب ووفاة ثلاثة وعدم قيام المعنيين باجراء الانتخابات الفرعية التي لم تلقَ الحماسة المطلوبة عند فريق رئيس الجمهورية. ولم تخلُ نقاشات اعضاء “الدستوري” من متابعة فعلية من الجهات السياسية التي سمّتهم وانتخبتهم في هذه المؤسسة التي ستحسم مسألة التعديلات في القانون سواء بالابقاء عليها او حذفها كليا او جزئيا، وستكون لهذا الجواب النهائي جملة من الارتدادات على الماكينات الانتخابية الناشطة، ولا سيما في البيئات المسيحية من قلب كسروان الى آخر قرية في اوستراليا تقطنها عائلات لبنانية. وما يقلق بري هو مقاربة التعاطي مع المغتربين بهذه الطريقة التقسيمية والتمييز بين مغترب وآخر بدل تحييدهم عن تجرّع كأس المذهبية والمناطقية مقابل الاستفادة من اصواتهم التفضيلية. ويشدد في مجالسه على ضرورة الالتفات الى ما سيخلّفه هذا النوع من السياسات على المغتربين الذين لم يقصّروا في مساعدة المقيمين وهم من كل الطوائف، مع تصميمه على مسلّمة: “لا تقتلوا الاغتراب”.

ويقول رئيس المجلس ان من الظلم والمحرمات التعاطي بهذه الطريقة مع الجاليات اللبنانية في الخارج. واذا كان بري يتابع مسار التحضيرات للانتخابات مع المسؤولين عن اللجان الانتخابية لحركة “أمل” في الجنوب والبقاع وبيروت، فهو لا يزال على موقفه المعروف من معاودة جلسات الحكومة ومن مقاربته عملية مواصلة التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت ورفضه القفز فوق المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ويُفهم من هذا الموقف ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي باقية على حالها من التئام جلساتها الوزارية رغم كل المحاولات التي يقوم بها الرئيس ميقاتي في هذا الشأن. وينتظر “الثنائي الشيعي” حصول تطورات قضائية في ملف تحقيقات المرفأ بغية اعادة الحياة الى الجلسات الوزارية وعدم الاكتفاء بعمل اللجان التي لا تقصر في أكثر من ملف وبتوجيهات من ميقاتي نفسه.

ويشير مناخ حركة “امل” و”حزب الله” بعد احداث الطيونة وما حملته الى انهما اختارا سلوك طريق القضاء والسلم ورفضهما العودة الى مشاهد الحرب والاقتتال.

ومن المسائل التي تشغل بري ما سيقدم عليه الرئيس سعد الحريري، ولا سيما ان اخبارا “غير مطمئنة” وصلت الى عين التينة تفيد ان زعيم “تيار المستقبل” يفضل خيار عدم خوضه الانتخابات، وانه كان قد ابلغ الحلقة الضيقة من محيط أسرته الصغيرة التي تتواصل معه أنه لا يملك الحماسة المطلوبة للمشاركة في الانتخابات. وينقل زوار الحريري في الامارات هذه الصورة القاتمة عن خيارات الرجل الذي تحاصره جملة من التحديات السياسية والمالية في الداخل والخارج. وثمة جملة تقلق ابناء السنّة رددها الحريري على مسمع لصيقين به جاء فيها: “انا على مشارف القول انني غير معني بكل ما يتعلق بالسياسة في لبنان”. وكلما تأخرت عودته يزداد منسوب التساؤلات ورسم المشهد الانتخابي عند الكتلة الناخبة لدى هذا المكون.
ولا يغيب هذا الموضوع عن جدول نخب سنية في بيروت والمناطق، ولا سيما ان وجوها في جمعيات كبيرة تقول اذا اراد الحريري الابتعاد عن المشهد في العاصمة والمناطق فلن يتركوا الساحة لجهات متمولة تحمل راية السنية السياسية لتكون بديلا من الحريرية في بيروت وصيدا وعكار وصولا الى البقاعين الاوسط والشمالي، علما ان حضور الرئيس ميقاتي يغطي مساحة كبيرة في طرابلس لكنه لا يتمنى هذه النهاية للحريري اذا استقر الركون الى تحقيق ما يصدر عنه، مع الاشارة الى ان الرئيس تمام سلام لم يبدِ الحماسة المطلوبة للترشح اذا صمم ولا سيما اذا حسم الحريري قراره النهائي بالابتعاد عن الانتخابات. وكل ما يدور في البيت السني يبقى محل متابعة عند سائر الافرقاء، ولا سيما مع توجه الدكتور سمير جعجع الى التعاون مع شخصيات سنية مناوئة لـ “تيار المستقبل”. وما يحصل داخل الطائفة السنية يشغل رئيس المجلس ويقلقه في بعض الاماكن، وهو ينتظر عودة الحريري الى بيروت ليستمع منه الى حقيقة ما سيقدم عليه ليتم البناء على ما سيقرره، لأن مفاعيل طلاقه للسياسة والانتخابات لن تصيب السنّة وحدهم، وسيدخل الجميع عندئذ في حسابات اخرى للخريطة النيابية في ساحة النجمة.

Zeino Mroue

Recent Posts

تزامنا مع العاصفة الرملية المرتقبة..الدفاع المدني يوجّه تحذيراً وتنبيهاً هاماً مع تعليمات لتفادي المخاطر

حذرت المديرية العامة للدفاع المدني المواطنين من مغبة إشعال النيران في المناطق الحرجية أو المحاذية…

18 ساعة ago

من هو المستهدف في غارة بعورتا صباح اليوم؟ (صورة)

استشهد صباح اليوم الشيخ حسين عزات عطوي، من بلدة الهبارية – قضاء حاصبيا مرجعيون، في…

18 ساعة ago

الجيش يودّع شهداء الواجب الثلاثة بمراسم مهيبة في مستشفى الشيخ راغب حرب

اقيمت قبل ظهر اليوم، مراسم تكريمية ووداعية في باحة مستشفى الشيخ راغب حرب في تول…

يوم واحد ago

تقرير يكشف أسرار الحرب: كيف استخدمت إسرائيل أمنها واستخباراتها ضد حزب الله؟

نشر موقع “الخنادق” المعنيّ بالدراسات الإستراتيجية والأمنية تقريراً جديداً تحدّث فيه عن الجوانب الأمنية والاستخباراتية…

6 أيام ago

فئة الـ 500 ألف ليرة قريبا في الأسواق

عاد الحديث مُجددا عن إمكانية طباعة أوراق نقدية من فئات جديدة بالليرة اللبنانية وذلك بعد…

أسبوعين ago

مجزرة المسعفين برفح.. الناجي الوحيد يروي ما شاهده من جريمة الاحتلال

أكد مسعف فلسطيني كان موجودًا في واقعة استشهد فيها 15 من زملائه في جنوب غزة…

أسبوعين ago