عناوين وأخبار الصحف

تحذيرات سنّية … وكل الخيارات مفتوحة

قبل ان يتوجه الرئيس سعد الحريري الى قصر بعبدا اول من امس، كان قد التقى اعضاء كتلة “المستقبل” ووضعهم في اجواء ايجابية، وابلغهم ان ثمة امكانية للأخذ والرد حيال التشكيلة التي قدمها الى الرئيس ميشال عون. وتحدث بمسحة تفاؤلية في شأن ما اقدم عليه. وتلقى النواب وحلقة الحريري باستغراب في ما بعد ما سمعوه منه في بعبدا ومقارنته مع لحظة اعلانه اعتذاره وقطعه الطريق على امكانية تعاونه مع رئيس الجمهورية الذي لم يبادله بالروح الايجابية المطلوبة.

ولذلك تبخرت كل المرونة التي كانت تسيطر على مناخ الحريري بعد تلمّسه اشارات ايجابية من السفيرتين الاميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريّو ليتثبت في ما بعد ان نيات رئاسة الجمهورية غير صادقة حياله، وانها لا تريده في رئاسة الحكومة منذ اليوم الاول لتكليفه. وهذا ما قاله رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط. وما زاد الطين بلة ان الطبعة الثانية من التشكيلة لم تلق قبول العونيين على اكثر من مستوى، تبدأ من اختيار الحريري اكثر من اسم مسيحي يرفضه العونيون، فضلاً عن رفضهم تسليم حقيبتي الداخلية والعدل الحساستين لشخصيتين سنيتين، إذ تشكلان مفاتيح الحكومة في الانتخابات النيابية المقبلة واكثر من ملف قضائي مفتوح يتقدمه التحقيق العدلي في تفجير مرفأ بيروت.

ولذلك كان الاعتذار متوقعا. ولن تكون رحلة الاستشارات بعد عيد الأضحى معبدة وسط تسليم كثيرين بان حكومة تصريف الاعمال ستعمّر اكثر. ولن يقف المجتمع الدولي متفرجا على هذه المشهدية، ولا سيما من طرف الفرنسيين الذين يكثفون اتصالاتهم ومشاوراتهم مع “حزب الله”. وفي هذا الوقت لم تنقطع الاتصالات مع الرئيس نجيب ميقاتي من جهات محلية وخارجية تسأله عن امكانية قبوله برئاسة الحكومة، وستتوضح معطياتها في الايام المقبلة. ولم يعطِ الرجل أجوبة شافية اذ يضع جملة من الشروط في حال اتخاذه قراره في تحمّل هذه المسؤولية. وفي حال موافقته النهائية لن يخرج عن رأي الحريري.

وبعدما اصبح الاعتذار وراء زعيم “تيار المستقبل” مع العودة الى المربع الاول، تظهر اكثر المعطيات ان من الصعوبة الاتفاق على ترشيح اسم لرئاسة الحكومة من دون المرور بالجهات التي تمسك زمام الامور في الطائفة من النافذتين السياسية والدينية.

ولم يتبلور بعد الموقف النهائي عند هذا المكون في التعاطي مع المرحلة المقبلة وكيفية مقاربة الاستشارات النيابية الملزمة التي سيدعو اليها عون الذي يتهمونه بلعبة شراء الوقت، ولا يذهب الى اتخاذ اي قرار ولو في حجم تأليف الحكومة من دون وضع حسابات مصالحه اولا ولو جاءت على حساب البلد. وفي المقابل يستفيض الحريري في الحديث عن التضحيات التي قدمها.

وثمة رسالة توجه الى عون مع مرورها على “حزب الله” في الوقت نفسه، مفادها انه لا يمكن القفز فوق قرار الطائفة هذه المرة، وانه من الصعب العمل على تكليف شخصية من قماشة الرئيس حسان دياب، وان على النائبين فيصل كرامي وفؤاد مخزومي وغيرهما من ابناء السنّة الذين يطمحون للحلول في السرايا
الحكومية ان يسمعوا هذه الرسالة جيدا ويدققوا في مضمونها. اي بمعنى انه لن تكون هناك اي تغطية لأي اسم مطروح من دون الرجوع الى “بيت الوسط” والمجلس الشرعي الاسلامي الاعلى والوقوف بالطبع عند رأي الرؤساء نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة. وثمة طرح لدى البعض تمحور امس حول دعوة المجلس الى اجتماع طارىء. ولم يؤخذ بهذه الدعوة منعاً من تأجيج البيئة السنية اكثر، فضلا عن وجود مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في تركيا. ولن يسعى السنّة الى استغلال الشارع وتهديد الامن في البلد. ويردّون بأنهم لم يحملوا السلاح في الحرب ولن يفعلوا هذا الامر في السلم.

ويبقى عنوان الرحلة السياسية الجديدة للحريري بين “الانكفاء او الإقدام”. وهو على تشاور مفتوح مع رؤساء الحكومات السابقين ولم يأخذوا قرارهم النهائي بعد في شأن الاستشارات والامور تبقى مفتوحة من حيث المشاركة فيها او عدمها في انتظار ما سترسو عليه الاتصالات المقبلة. ويعتقدون ان عون أضاع فرصة ذهبية له ولعهده الذي يشارف نهايته بعدم قبوله بالحريري في رئاسة الحكومة، والذي قدم جملة من التنازلات من اجل مصلحة البلد على عكس رئيس الجمهورية الذي يتحمل مسؤولية كبيرة في البلد “لكنه لا يحسن ادارتها كما يجب”، ويريد الامساك بمفاصل الحكومة من دون اشراك الآخرين ليتحكم بالقرار النهائي في السلطة التنفيذية.

واذا كان الحريري يعمل على تشكيل الحكومة الى حين وصوله الى الاعتذار للاسباب المعروفة، فان البعض سجل عليه انه يريد ان يستثمر ما حصل في الانتخابات النيابية المقبلة، فيأتي الرد ان الآخرين يركزون على الاستحقاق نفسه واستغلال كل هذه المشهدية على سوداويتها وهي تزنر البلد ومؤسساته. ووصل الامر بفاعلية سنية الى القول انه حتى لو جاء الحريري بحكومة من 24 قديسا فان البلد لن يتبدل ما دامت العقلية نفسها التي تحكمه. وأثبتت الوقائع انه لا يمكنه ان يتعاون او يتأقلم مع شخصية عون، ويرفضان العيش ولو في ظل مساكنة سياسية قصيرة سرعان ما تنفجر عند اول امتحان مفصلي.

واذا كانت علاقات الحريري مع النائب جبران باسيل سيئة فانه على المشهد نفسه مع الدكتور سمير جعجع. وبدأت الحسابات الانتخابية التي مكنت نوابا “قواتيين” من الحصول على حواصل انتخابية في دوائرهم بفضل اصوات سنية تسأل عن حال هؤلاء في الانتخابات المقبلة في الشمال والبقاع الشمالي وزحلة وصولًا الى بيروت الاولى حتى لو كان القانون الساري هو “الأحب” على قلب جعجع.

واذا كان الحريري يعمل على استنهاض مكونه الطائفي والسياسي الا ان دونه عقبات ولا سيما مع بروز موجات من التذمر والاعتراضات غير الخافية التي تواجه قواعده من الطريق الجديدة الى عكار مرورا بأكثر من منطقة. ولا يخفى ان ثالوث: “تيار المستقبل” ودار الفتوى وجمعية المقاصد الذي يحكم هذا المكون يعاني جملة من المشكلات الاجتماعية في بيئاتهم.

رضوان عقيل

radwan.aakil@annahar.com.lb

Janoub 24

Recent Posts

فئة الـ 500 ألف ليرة قريبا في الأسواق

عاد الحديث مُجددا عن إمكانية طباعة أوراق نقدية من فئات جديدة بالليرة اللبنانية وذلك بعد…

أسبوع واحد ago

مجزرة المسعفين برفح.. الناجي الوحيد يروي ما شاهده من جريمة الاحتلال

أكد مسعف فلسطيني كان موجودًا في واقعة استشهد فيها 15 من زملائه في جنوب غزة…

أسبوعين ago

الحرارة تتخطى الـ32 درجة الثلاثاء!… فكيف سيكون طقس الأيام المقبلة؟

طقس ربيعي مستقر نسبياً يسيطر على لبنان والحوض الشرقي للمتوسط حتى اليوم الأحد حيث تتأثر…

أسبوعين ago

3 جرحى بخلاف فردي في الشرحبيل

أفادت "الوكالة الوطنية للاعلام"  أن خلافا فرديا في منطقة الشرحبيل بين عدد من الاشخاص، استخدمت…

أسبوعين ago

لبنانيّون يتلقّون رسائل مزيّفة لإعانات مالية بالدولار… والأمن العام يُحذّر! (صورة)

أعلنت المديرية العامة للامن العام اللبناني، أنّه "تبيّن أخيراً أن عدداً كبيراً من المواطنين تلقّى…

3 أسابيع ago

لبنان في قلب الموجة “الحارة”… والأسبوع الأول من نيسان يحمل “المفاجأة”: فاستعدوا!

يشهد لبنان والحوض الشرقي للمتوسط تأثير رياح خماسينية دافئة قادمة من شمال إفريقيا، محملة بالغبار،…

3 أسابيع ago