أخبار عربية وإقليمية

قضايا الشيك دون رصيد تزج بأكثر من 8 آلاف رجل أعمال في السجون التونسية

<p class="rtejustify">بلغ إجمالي قيمة الشيكات دون رصيد خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2022، نحو 714 مليون دولار أميركي (غيتي)</p>

يعكس حجم القضايا المرفوعة في المحاكم التونسية المتعلقة بالشيكات دون رصيد حجم أزمة السيولة التي تعم البلاد، إذ ترتفع نسبة هذا النوع من القضايا بشكل سنوي، ولا يقتصر على المستهلكين من معتمدي آلية الشيكات للتزود بالسلع الاستهلاكية، بل يتجاوزهم إلى أصحاب المؤسسات من رجال الأعمال الذي يقضون عقوبات في السجن على خلفية هذه التجاوزات.

وأصبحت قضايا الشيكات المرفوضة من قبل البنوك مرآة عاكسة للصعوبات التي تواجهها المؤسسات التونسية للنفاذ إلى التمويل.

ويتعلق ذلك في الأساس بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة مما دفع المتخصصين إلى الدعوة إلى النظر في القانون المنظم للشيكات في تونس وتطويره، بسبب الانحراف الذي تشهده مساحات استغلاله.

كان البرلمان التونسي المحلول قد نظر في مقترح لتنقيح أحكام الشيك من دون رصيد في المجلة التجارية (القانون)، كما أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد مرسوماً رئاسياً خاصاً بالعفو العام في الشيكات دون رصيد منذ قرابة العام قبل أن يمدده ثلاثة أسابيع  ويتعلق بعقوبة السجن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً للمرسوم الرئاسي أنه  ”ينتفع بالعفو العام كل من أصدر شيكاً دون رصيد، وقام قبل يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) 2022، بتوفير الرصيد في المصرف المسحوب عليه على ذمة المستفيد أو تأمينه على ذمته في الخزينة العامة للبلاد، والإدلاء بما يفيد إعلامه بذلك أو ما يفيد خلاص كامل مبلغ الشيك  بحجة رسمية”، إضافة إلى أن “ينتفع بالعفو العام كل من كان محل تتبع قضائي لدى المحاكم على اختلاف درجاتها، أو صدر ضده حكم من أجل إصدار شيك دون رصيد وقـام بتطبيق ما تم ذكره قبـل يـوم 31 ديسمبر 2022، ونُشر تمديد العمل بهذا المرسوم  قبل انتهاء 2022، يتعلق بتمديد أجل التسوية المنصوص عليه، المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد إلى غاية يوم 31 ديسمبر 2023.

أكثر من 8 آلاف سجين 

ويشمل العفو الأشخاص الملاحقين بالمحاكم التونسية في مختلف المراحل القضائية ومنهم من صدرت ضدهم أحكام بالسجن شريطة تسوية أوضاعهم قبل موفى الآجال الموجودة في المرسوم من طريق وضع الأموال المتنازع عليها في البنوك أو الخزينة العامة للدولة.

وفي الوقت الذي استحسنت منظمات تونسية هذا العفو فإنها ما فتئت تطالب بإيجاد حلول جذرية لمعضلة الصكوك دون رصيد في تونس، وقد صدرت دعوات متكررة لتغيير قانون الشيكات الذي يفرض عقوبة السجن خمس سنوات على مرتكب تجاوز إصدار شيك دون رصيد المصنف جريمة بالقانون التونسي.

في غضون ذلك، كشف المرصد التونسي للخدمات المالية (منظمة مستقلة) عن وجود أكثر من مليوني قضية شيك دون رصيد منشورة في المحاكم.

أمر مفزع

من جانبه، عبر رئيس الاتحاد التونسي للمؤسسات الصغرى والمتوسطة (هيئة مستقلة) خميس عفية، عن قلقه وفزعه من عدد تلك القضايا المتزايد، مطالباً في  حديثه مع “اندبندنت عربية ” بتغيير هذا القانون خصوصاً  في ظل تدهور الأوضاع المالية بسبب جائحة كورونا، بعدما تسبب إيقاف النشاط خلال الجائحة والحجر الصحي في إفلاس آلاف المؤسسات وإغلاقها، بينما تعاني البقية التي تزاول نشاطها من إشكالات مالية بسبب ندرة السيولة أدت إلى تفاقم الوضع المالي، قائلاً إن “السلطات التونسية لم تتخذ إجراءات لإنفاذها، حيث لم تتمتع بمهلة تعليق الآجال للدفع التي أقرتها الحكومة آنذاك وهي أربعة أشهر، بسبب تأخر مراسلة البنك المركزي للبنوك في شأنها إلى 28 يوماً، وهو ما أدى إلى إفلاسها و الزج بآلاف من رجال الأعمال في السجون بسبب قضايا شيك من دون رصيد”.

وأوضح عفية أن “أكثر من ثمانية آلاف و400 رجل أعمال يقبعون في السجون، علاوة على أكثر من 10 آلاف من الفارين خارج تونس على خلفية تلك القضايا.

4 ملايين قضية منذ 2020

يصل عدد القضايا المنشورة في المحاكم التونسية في هذا الصدد أكثر من أربعة ملايين قضية منذ 2020، وبلغ إجمالي قيمة الشيكات دون رصيد خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2022، نحو 2.2 مليار دينار (714 مليون دولار أميركي).

ودعا رئيس الاتحاد التونسي للمؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى تفعيل الشيك الإلكتروني الذي يعتمد مع تطبيقه رقمية تمكن من معرفة رصيد مانح الشيك، مؤكداً أن “تلك الآلية معتمدة في الدول المتقدمة التي تخلت عن عقوبة السجن من أجل جريمة الشيكات والحث على عقوبات بديلة”، مشيراً إلى أن “ذلك قد يحد من التداعيات الخطيرة على أداء العمود الفقري للاقتصاد التونسي، وهي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بعدما أدى النقص في السيولة الذي تعاني منه تونس بحكم الأزمة الاقتصادية إلى إفلاسها” كما دعا عفية إلى ضرورة اتخاذ قرارات استثنائية لإنقاذ أصحاب المؤسسات الصغرى مع حتمية تغيير القانون الخاص بالشيك في تونس وإلغاء العقوبة الجسدية.

آلية اقتراض في غياب البديل

في تلك الأثناء، أعلن البنك المركزي التونسي عن ارتفاع  معدل حجم الشيكات غير المستخلصة إلى 17.7 في المئة خلال النصف الأول من 2022، إلى جانب رفض أكثر من مليوني شيك بقيمة 1.4 مليار دينار (454 مليون دولار) من إجمالي 12 مليون شيك بقيمة 56 مليار دينار(18.18 مليار دولار) وفقاً لمؤسسة الإصدار التي كشفت عن الزيادة المسجلة في عدد معاملات الدفع الإلكتروني بنسبة 38 في المئة، وبلغت 5.8 مليون معاملة فيما ارتفعت  قيمتها بنسبة 62 في المئة لتبلغ 390 مليون دينار (126.6 مليون دولار) في الفترة نفسها بين عامي 2021 و2022، كما استحوذت جملة تجهيزات الدفع النقدي خلال النصف الأول من 2022 على أكثر من ثلاثة آلاف عملية من شبابيك السحب الإلكتروني بزيادة قدرها 0.8 في المئة مقارنة بسنة 2021.

كما عرفت طرق الدفع عبر المقاصة (الشيك والاقتطاع ورسائل الصرف والتحويلات) تسارعاً بحكم عودة النشاط الاقتصادي بعد الأزمة.

تغيير الآلية لن يحل الأزمة

من جانبه، استبعد عضو المكتب التنفيذي لكونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية (منظمة مستقلة) شكيب بن مصطفى، نجاعة تغيير القوانين والعقوبات” وأرجع ذلك إلى انتشار هذه التجاوزات وتحولها إلى آليات معتمدة للتمويل وابتعادها من منحاها الحقيقي بفعل نقص التمويل، مشيراً إلى أن “الأزمة شهدت ارتفاعاً قياسياً في عام 2021 نتيجة أزمة كورونا لتصل قيمة الشيكات غير المستخلصة إلى نحو ثلاثة مليارات دينار(مليار دولار)”، قائلاً إن “الشيك تحول عن وظيفته الأصلية وهي الاستخلاص إلى أدوار أخرى من المفترض أن تضطلع بها البنوك وهي الاقتراض والتمويل”.

وأكد عضو المكتب التنفيذي لكونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية أن “ذلك يعبر عن منظومة اقتصادية مختلة” موضحاً أن “الشيكات لم تعد وسيلة دفع حيني، المؤسسات تستعمل الشيكات المؤجلة للتزود بالسلع في غياب تام لآلية لتعويض الشيك الذي أضحى التقنية الوحيدة لمواصلة النشاط التجاري لدى المؤسسات الصغرى والمتوسطة بعد انعدام الحلول”.

الشيك الإلكتروني

وحول آلية الشيك الإلكتروني قال بن مصطفى إن “إلغاء الشيك التقليدي أو تعويضه بـنظيره الإلكتروني لن يكون هو الحل الجذري للأزمة” منوهاً إلى أن “أساس الأزمة هو الصعوبات المتعلقة بالتمويل، والإصلاح يجب أن يتجه نحو إيجاد آليات جديدة لتمويل المشروعات والعمليات التجارية” لافتاً إلى أن “العفو عن مرتكبي التجاوزات هو حل وقتي لن يعالج الآفة المتنامية التي تسير بالتوازي مع ندرة السيولة وأزمة المالية العمومية التونسية، التي أسهمت في التحول الحاصل في دور المؤسسات البنكية التونسية من ممول للاقتصاد إلى مقرض للدولة ما عمق ندرة السيولة في السوق”.

subtitle: 
مليار دولار حجم الشيكات غير المستخلصة عام 2021 ومحللون يرون أن "الإلكتروني" لن ينهي الأزمة
publication date: 
الخميس, يناير 26, 2023 – 16:45

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى