عقوبات أميركية ثلاثية الأبعاد تطال سياسيين ورجال أعمال وقضاة (الديار)

كتبت “الديار” تقول: تُصنّف العقوبات الإقتصادية في خانة الأدوات التي تمتلكها الديبلوماسية بهدف تطويع القرار السياسي لبلد مُعيّن. وتُعتبر هذه الأداة أداة «حادّة» تمتلكها حكومة البلد الذي يفرض العقوبات لفرض واقع لا يُمكن تغييره في السياسة أو حتى في الحرب. هذا المفهوم هو مفهوم قديم تعود منابعه إلى العام 432 قبل الميلاد، حين قام الإغريقيون بفرض عقوبات تجارية على ميغارا بهدف دفع الميغاريين إلى تعديل سلوكهم التجاري والسياسي تجاه إغريقيا. ويٌخبرنا التاريخ أنه منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، حصل العديد من الحصارات الاقتصادية للأعداء والخصوم لاجبارهم على تغيير سلوكهم السياسي أو الاجتماعي.
هذا وشكّل تاريخ 11 أيلول 2001 نقطة تحوّل في مفهوم العقوبات مع إعتماد الأميركيين لإستراتيجية جديدة في فرض العقوبات وذلك عبر إستهداف منظّمات، وأفراد، وشركات مباشرة من خلال تجميد الأصول التابعة لهم وحظر سفرهم وحظر شرائهم الأسلحة. وسُمّيت هذه الإستراتيجية بـ «العقوبات الذكية» بحكم أنها تستهدف الأفراد والمؤسسات دون أن تطال كل الشعب. وإستطاعت الولايات المُتحدة الأميركية فرض تطبيق إجراءاتها على مُعظم دول العالم مُستعينة بإقتصاد يُشكل أكثر من ربع إقتصاد العالم.
العقوبات الأميركية على أفراد ومنظّمات في لبنان بدأت مع إقرار الكونغرس الأميركي قانون في العام 2015، إلتزم به لبنان وطبّقه في أيار العام 2016، بالإضافة إلى قانون ماغنتسكي العالمي والذي أقرّ أيضًا على أيام الرئيس الأميركي أوباما ويطال كل فرد مُتهم بالفساد أو بخرق حقوق الإنسان في بلده. وإستخدمت الإدارة الأميركية هذه القوانين لفرض عقوبات على مسؤولين ورجال أعمال لبنانيين بدءًا من العام 2017 مع فرض عقوبات على 90 فردًا وكيانًا لبنانيًا بالإضافة إلى النواب: أمين شري ومحمد رعد في تموز 2019، وعلي حسن خليل في أيلول 2020، وجبران باسيل في تشرين الثاني 2020، وجميل السيد في تشرين الأول 2021، والوزير السابق يوسف فنيانوس في أيلول 2020، ورجال الأعمال جهاد العرب وداني خوري في تشرين الأول 2021.
وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت في وقت سابق من هذا العام، أن الولايات المُتحدة الأميركية ستستهدف سياسيين يقوّضون تشكيل الحكومة بالإضافة إلى رجال أعمال مُتهمين بالفساد. وما العقوبات الأخيرة التي فرضتها إلا تنفيذًا لما كانت قد صرّحته مُسبقًا.
لكن الملفت في تحليل تطورات هذه الإستراتيجية أنها أصبحت تتمحور حول ثلاثة أبعاد: سياسي بحت، ويطال سياسيين من المسؤولين الحاليين أو السابقين، وإقتصادي مالي، يطال رجال أعمال تتهمهم واشنطن بالفساد، وقضائي، يطال قضاة مع التحرّي الذي تقوم به السلطات الفرنسية بناءً على طلب أميركي حول قضاة مُتهمين بالفساد. وهذا يعني أن الإدارة الأميركية ومعها الإتحاد الأوروبي بدأت في عملية تفكيك للنظام اللبناني القائم على الفساد عبر ضرب أعمدته أي الأداة والغطاء.
وتُشير مصادر مُطلعة إلى أن هناك عشرات الأسماء المُستهدفة خصوصًا من بيئة الأعمال التي تتهمها واشنطن بأنها قامت بعمليات فساد من خلال الإستفادة من المال العام والقيام بعمليات تهريب أو فساد في الصفقات العمومية. وتقول المصادر أن عجز القضاء اللبناني عن المحاسبة لن يمرّ مرور الكرام وأن المحاسبة ستأتي من الخارج إذا لم تتمّ داخليًا. وتعتبر واشنطن أن الأداة الأساسية للفساد في لبنان تتمثّل في بيئة قوامها رجال أعمال (عددهم لا يتخطّى المئة شخص) يُنفّذون عمليات فساد تخالف دقائق قانون ماغنتسكي ويتم تغطيتها من قبل أصحاب نفوذ (سياسيين وقضاة).
بين العقوبات الأميركية والتصعيد السعودي
مصدر نيابي مُعارض يقول لجريدة «الديار» أن التصعيد السعودي لا يُمكن فصله عن العقوبات الأميركية، لا بل على العكس يجب ربط التطورين مع بعضهما البعض. ويُشير المصدر أن الأميركيين والسعوديين يستهدفون حزب الله في مواجهة أصبحت مفتوحة ومكشوفة من خلال إستهداف العقوبات الأميركية لكل من تعاون أو يتعاون مع حزب الله ومن خلال ضغط سعودي رسمي يهدف إلى إظهار الحزب على أنه المُشكلة الأساسية لما يعيشه لبنان.
ويُضيف المصدر إلى أن الضغط كثيرًا على لبنان قد يُعطي نتائج مُعاكسة لما يريده الأميركيون والسعوديون، لذا يتوقع المصدر أن يكون هناك سقف للإجراءات المُتخذة من قبلهما على أن تكون العقوبات الأميركية على شخصيات لبنانية هو العنوان البارز في المرحلة المُقبلة في مقابل لجم للتصعيد السعودي.
وفي قراءة إستراتيجية لهذه التطورات، يرى المصدر أن لبنان أصبح ورقة تفاوض على طاولة المفاوضات الأميركية – الإيرانية وهو ما سيجعل لبنان يعيش مرحلة من الغموض المطبق حتى الإنتخابات النيابية المُقبلة.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :otv.com.lb