أخبار عربية وإقليمية

أزمة الديمقراطية الليبرالية وإغراء السلطوية التنموية


<p>الرئيس الأميركي جو بايدن (أ ف ب)</p>

 

لا نهاية للمتغيرات في العالم، وأكثر من تركز عليه الدراسات الفكرية هذه الأيام هو أزمة الديمقراطية وإغراء السلطوية. شيء من الاعتراف بأن الانتخابات النيابية وقبض النخبة على السلطة في مؤسسات الدولة لم يعودا يشكلان التمثيل الحقيقي للشعب، وشيء آخر من رؤية الفارق يتقلص بين إدارة الديمقراطيات وإدارة السلطويات.

إذاً هل يبدو الرئيس الأميركي جو بايدن كمن يمشي عكس السير والتيار في الإصرار على “تحالف الديمقراطيات” في مواجهة السلطويات، أي ديمقراطية يدور الكلام عليها في مرحلة الحنين إلى الإمبراطوريات وممارسة الإمبرياليات التي قال لينين إنها “أعلى مراحل الرأسمالية”؟

وماذا أيضاً عن طموحات الصين وروسيا وإيران وتركيا؟ وماذا عن أميركا التي تدعي أنها إمبراطورية ليبرالية خاضعة لحكم القانون في حين أن مصالحها أقوى من مبادئها؟ وهل صار الاتحاد الأوروبي إمبراطورية كل الإمبراطوريات الفرنسية والبريطانية والألمانية والبرتغالية والإسبانية والهولندية وسواها؟
كمحلل سياسي – اقتصادي في صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية حاز مارتن وولف شهرة كبيرة، وهو الذي وضع خلاصة خبرته في كتاب جديد تحت عنوان “أزمة الرأسمالية الديمقراطية”. أزمة تبدأ من “الفجوة بين الغني والفقير في الاقتصادات الصاعدة للدول الصناعية من دون انعكاس ذلك على أجور العمال”، لكنها لا تنتهي بـ”الترابط بين سقوط المشاركة في الثروة وبين أزمة الديمقراطية”.

أما “الجذر الرئيس لهذا المرض فإنه انهيار العلاقات بين الرأسمالية والديمقراطية الليبرالية”. والسؤال الآن، هل يكفي التساوي في القوة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني لبقاء الديمقراطية؟

واحدة من مشكلات الديمقراطية في أميركا وأوروبا هي إدارة السياسة الداخلية والخارجية بهاجس الانتخابات المقبلة والسباق على الفوز فيها. ومن أخطاء الليبراليين “ترك الوطنية سلاحاً في أيدي المحافظين بحجة أنهم كونيون”، كما يقول فرنسيس فوكوياما.

ولم يكن من المفاجآت ما ظهر في استطلاع للرأي أجراه “المرصد العربي” في عدد من الدول العربية بعد ثورات “الربيع العربي”، وهو إعطاء الأولوية للخبز والعمل والأمن على الديمقراطية والحرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يكن الإغريق على خطأ في ربط الديمقراطية بواجبات المواطنين ودفاعهم عن المدينة، لكن أوروبا وقعت في الخطأ عبر التشجيع على ممارسة الديمقراطية وأقصى الحرية من دون الواجبات الوطنية والتضحيات لخير الآخرين، بحيث شعر الشعب أن المؤسسات تخذله ولا تمثله.

وليس في السلطويات أزمة، لسبب بسيط، حين تقع أزمة في نظام سلطوي ينتهي النظام، على عكس الديمقراطيات التي تتعايش مع الأزمات.

وما تركز عليه السلطويات هو ما يحتاج إليه الناس كأولوية، فرص العمل والتنمية والأمن الوطني والاجتماعي. وإذا كان النموذج الروسي والمجري والتركي والإيراني غير جذاب بالنسبة إلى الشعوب التي لا ترتاح للنموذج الغربي في أمور عدة، فإن النموذج الصيني يبدو جذاباً في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، وحتى في أوروبا.

نموذج النمو المستدام والقضاء على الفقر وفتح المجال أمام الكل في التعليم على كل المستويات. ونموذج التطور التكنولوجي لجعل الصين “قوة عظمى علمية” خلال أعوام، بحسب وعد الرئيس شي جينبينغ.

وما أشد معاناة الشرق الأوسط تحت سلطة القوى التي ترفع شعارات الحرب والتحرير وتنفق مواردها على صنع الأسلحة، لكن قوة الجاذبية تتمثل حالياً في نموذج التنمية والمشاريع العلمية و”رؤية 2030″ في السعودية التي تتقدم دول الرفاه في الخليج، من حيث قلت دول الرفاه في العالم.

والتحديات مفتوحة في عالم يستحيل فرض نموذج واحد عليه يقفز من فوق الثقافات الوطنية والتطور المرحلي. وليس أخطر من الإدارة السيئة للديمقراطية سوى الإدارة السيئة للسلطوية.

subtitle: 
النموذج الصيني يبدو جذاباً في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية وحتى في أوروبا
publication date: 
الجمعة, سبتمبر 15, 2023 – 16:45

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى