الاستشارة الشعبية التونسية تعاني صعوبات فنية وضعف المشاركة


<p>سعيد خلال مشاركته في قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في بروكسل، في 17 فبراير الحالي (أ ف ب)</p>
يبدو أن الاستشارة الإلكترونية التي يعتمد عليها الرئيس التونسي قيس سعيد من أجل إشراك الشعب في تغييرات سياسية كبرى، تعترضها صعوبات عدة جعلت نسبة المشاركة فيها ضعيفة جداً. ويرى مراقبون أن عدم الإقبال على هذه الاستشارة سيجعل نتائجها غير شرعية، بالتالي لن يستطيع الرئيس الذهاب بعيداً في تنفيذ برنامجه، في حين يقول مقربون منه إن عدد المشاركين غير مهم وكل المقترحات التي ستأتي بها هذه الاستشارة ستكون الأرضية التي سترتكز عليها لجنة الخبراء لكتابة دستور جديد للبلاد بمشاركة الشعب.
وجاء في بيان نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية أخيراً، أن “صعوبات فنية تعترض المواطنين خلال مشاركتهم في الاستشارة الشعبية الإلكترونية”، موضحاً أن “صعوبات بعضها ناتج من جملة اختيارات فنية يجب تذليلها، وبعضها مقصود من الذين يريدون تكميم الأفواه وإجهاض هذه التجربة الأولى من نوعها في تونس”.
وكان سعيد أكد أن “مستقبل تونس هو بأيدي التونسيين والتونسيات، ومشاركتهم المكثّفة في الاستشارة هي التي ستعبّد الطريق نحو مرحلة جديدة في تاريخ البلاد تقوم على الإرادة الشعبية الحقيقية لا على شرعية وهميّة لفظها التونسيون والتونسيات لأنها لا تعبّر عن إرادتهم الحقيقية”.
مسار ثوري
وفي هذا الإطار، قال عضو الحملة التفسيرية، أحد المقربين من رئيس الجمهورية، أحمد شفتر أن “الاستشارة هي حلقة من حلقات مسار ثوري بتصورات جديدة لإدارة الشأن العام”. وأضاف أن “الاستشارة جاءت بعد 25 يوليو (تموز) عندما طالب الجميع بسقف زمني لقرارات الرئيس سعيد الاستثنائية، وهي للقطع مع سلوكيات سياسية فاسدة على غرار المحاصصات الحزبية بعد الثورة أو حكم الحزب الواحد قبلها”. وعبّر شفتر عن اعتقاده بأن “الاستشارة أرجعت السيادة للشعب في تقرير مصيرهم بخصوص ملفات مهمة في الشأن العام”.
ولم ينكر شفتر أن “الاستشارة أتت لإعادة النظر في القانون الانتخابي والسياسي، لكن عن طريق رؤية الشعب وليس عن طريق حوار وطني تقليدي مع أطراف سياسية ومدنية”، مواصلاً “سنقطع مع حوارات الصالونات المغلقة”، مبرراً ذلك بفشل الأحزاب في السابق في تسيير شؤون البلاد، مواصلاً في السياق ذاته “لن نعطيهم فرصة أخرى للتفرد بالرأي”.
وفي الإطار ذاته، دعا شفتر كل الأطراف السياسية التي تريد إبداء رأيها في هذه التغييرات السياسية إلى “أن تشارك في الاستشارة كغيرها من أبناء الوطن”. وأضاف شفتر أن “عدد المشاركين غير مهم، لأنها استشارة وليست عملية انتخابية أو استفتاء”. وأفاد بأن عدد المشاركين وصل إلى 215 ألف مشارك. وزاد أنه “في ضوء المشاركة في هذه الاستشارة، ستتشكل لجنة من الخبراء للمؤالفة بين المقترحات والآراء التي عبّر عنها المواطنون، وستُترجَم هذه الأفكار في دستور تونس الجديد”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد شفتر ما قاله سعيد إن “هناك مَن يسعى إلى إجهاض هذه التجربة”، متهماً “شركة اتصالات أجنبية تعمل لمصلحة أطراف سياسية معينة”.
مخطط جاهز
إلا أن أطرافاً سياسية عدة معارضة للرئيس التونسي، ترى أن الغاية الحقيقية من هذه الاستشارة هي تغيير نظام الحكم من برلماني معدّل إلى سياسي، وتشكل الاستشارة واجهة لهذا المخطط الجاهز.
في هذا السياق، صرح القيادي في “التيار الديمقراطي”، هشام العجبوني، أن “كل التغيرات التي يريدها الرئيس في النظامين الانتخابي والرئاسي وكل ما يخص السلطات، جاهزة والاستشارة مجرد واجهة حتى يشرّع بها الرئيس قراراته”.
وأكد العجبوني أن “التيار الديمقراطي” لن يشارك في ما وصفها بـ “المهزلة”. وأضاف أنهم لن يعطوا “أي شرعية للرئيس بخصوص التغييرات التي يريد تنفيذها”.
من جانب آخر، رأى الناشط في المجتمع المدني سيف العبيدي أن “فشل انخراط المواطنين في الاستشارة الوطنية يرجع لأسباب عدة، وهي بحسب تعبيره “أولاً طبيعة الاستشارة باعتبارها إلكترونية والتي تجعل ولوج المواطنين إليها ضعيفاً، خاصة في بعض المناطق النائية التي تفتقر إلى تغطية شبكة الإنترنت. كما أن مضمون الاستشارة والمواضيع المطروحة، مواضيع شاملة تستوجب استشارة لكل موضوع على حدة، بالتالي بهذه الطريقة لا نستطيع استخراج معلومات مهمة يمكنها تغيير الواقع”. وأخيراً، اعتبر العبيدي أن “المواطنين غير متحمسين للمشاركة في هذه الاستشارة”. وعبّر عن اعتقاده بأن “الغاية الأساسية لهذه الاستشارة هي تغيير النظام السياسي، إلا أن عدد المشاركين فيها الضعيف جداً لا يمكن أن يعطي شرعية لهذا التغيير السياسي الذي يريده رئيس الجمهورية”.
وأوضح العبيدي “من الآن وحتى انتهاء الاستشارة أي خلال شهر مارس (آذار) المقبل، لا يمكن تأسيس رأي حول التغيير السياسي”. والحل بحسب العبيدي أن “أي تغيير في النظام السياسي لا يمكن أن يتحقق إلا بحوار وطني تشارك فيه كل الأطراف السياسية والمدنية والمنظمات الوطنية”.
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com