إقتصاد ومال

المودعون بين تعاميم سلامة والكابيتال كونترول: الاستنسابية مقابل وقفها!

بيار سابا –

من المفترض أن يدخل غداً تعميم مصرف لبنان الرقم 158 حيّز التنفيذ. وهي الخظوة الموعودة، ليتمكّن المودعون بموجبها من سحب 400$ شهرياً من حساباتهم بالدولار، اضافة الى 400$ أخرى بالليرة اللبنانية، بحسب سعر السوق. وهي خطوة يعتبر مصرف لبنان أنها ستسمح ل600 الف مودع بتقسيط ودائعهم العالقة في المصارف.

وفي الوقت الذي يبقي التعميم 158 “العصمة” في يد المصرف المركزي، الذي يتحكّم بالسحوبات والاستثناءات، فإن علامات استفهام عدة تطرح حول كيفية التطبيق الفعلي له، مع اعتبار مصرفيين أن المسألة تحتاج الى وقت اضافي لتتبلور، وفي ضوء عدم الإتفاق التام بين المصارف والمركزي على مندرجات هذا التطبيق.

قبل اسابيع، خرج اقتراح “الكابيتال كونترول” من لجنة المال والموازنة النيابية، وتعرّض لحملة “طويلة عريضة” من جهات متناقضة مصرفية وغير مصرفية، التقت على مصلحة واحدة وهي استمرار الفوضى.

ومع دخول البلاد في مرحلة “التعميم 158″، وتسليم رقبة المودعين لقرار المركزي، يعود السؤال مجدداً عن مصير “الكابيتال كونترول”، الذي هو مع المودعين وليس عليهم، ويهدف الى انهاء الاستنسابية في التعاطي معهم، ويضع أحكاماً قانونية موحّدة ومنظّمة.
في الوقت الذي يرى كثيرون أن تعميم المركزي يشكّل التفافاً على هذه الحقوق، وهروباً من المحاسبة التي نص عليها “الكابيتال كونترول” في حال عدم الالتزام بمندرجاته.

وبينما خرج النائب علي حسن خليل عقب الاقرار في لجنة المال ليتحدّث عن تمريره “خطّ عسكري” الى الهيئة العامة. بمعنى الاسراع في اقراره، كانت المفاجأة باحالته بعد ساعات الى لجنة الإدارة والعدل، التي اعلن رئيسها النائب جورج عدوان انه سيعقد الجلسات، ليلاً نهاراً، في ساحة النجمة، حتى اقرار القانون.

ولكن، لم يقرّ الاقتراح حتى الساعة، وسط ارتفاع الهمس في الأوساط السياسية، عن عدم الرغبة في تسريع خروجه من ساحة النجمة. الملائكة انفسهم الذين أخّروا اقراره في حكومتي سعد الحريري وحسان دياب، يحضرون في ابطاء اقراره اليوم. لماذا؟ لمصلحة تعاميم المركزي، يقول العارفون، لأن التعاميم تبقي رقبة المودع في يد مصرف لبنان، بينما اقرار الكابيتال كونترول، سيضع المركزي والمصارف تحت مقصلة المحاسبة والقانون، في حال عدم الالتزام به، وهنا بيت القصيد.

من هنا أيضاً، تفهم الحملات على الكابيتال كونترول لشيطنته، في محاولة لدفع المودعين الى رفض ما هو لمصلحتهم، وارغامهم على قبول، ما هو في غير مصلحتهم.

صحيح أن الكابيتال كونترول تأخّر. ولكن، أن يصل متأخّراً ويصبح قانوناً نافذاً، يبقى أفضل من الاستمرار في الفوضى والاستنسابية، والتعاميم التي تصدر وتلغى…بشحطة قلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى