أخبار عربية وإقليمية

صدمة: ارتفاع تكاليف الطاقة الشمسية والهوائية وبطاريات السيارات الكهربائية


<p class="rteright">تكاليف الألواح الشمسية الكهروضوئية ارتفعت في بداية 2022 بمقدار 20 في المئة مقارنة بعام 2021 (غيتي)</p>

أصر داعمو سياسات التغير المناخي على أن تكاليف الطاقة الشمسية والهوائية وبطاريات السيارات الكهربائية ستستمر بالانخفاض، بحيث تنافس المصادر التقليدية وسيارات البنزين والديزل، من دون أي إعانات، ونظراً لانخفاض تكاليفها فسيتم تبنيها عالمياً. 

ولكن البيانات، ومن مصادرهم، تقول إن هذه التكاليف ترتفع، وإن الحكومات ما زالت تقدم الإعانات، والانتشار لم يتحقق حيث إن أغلب الاستثمار العالمي في التحول الأخضر يتركز في بضع دول فقط، أغلبها في أوروبا وأميركا الشمالية والصين واليابان. 

كما ذكرت في مقالات سابقة، العالم يحتاج كل أنواع الطاقة، بما فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. العالم يحتاج كل أنواع التقنية لزيادة كفاءة استخدام الطاقة، والعالم يحتاج إلى كل تقنيات المواصلات، بما فيها السيارات الكهربائية. الانتقادات موجهة للمبالغات، والإعانات الحكومية، والتقارير المضللة. 

تقرير وكالة الطاقة الدولية

وكالة “الطاقة” الدولية أصبحت وكالة “البيئة” الدولية. لا أحد يلوم الوكالة وأعضاءها على محاولاتها لاستخدام بدائل طاقة أخرى، ولكن هناك أمرين لا بد للقارئ أن يعرفهمها: الأول أن أكبر منتج للنفط والغاز في العالم هي الولايات المتحدة، أحد مؤسسي وكالة الطاقة الدولية وأكبر داعم لها، وأن كندا والنرويج، من كبار منتجي النفط والغاز في العالم وعضوين في وكالة الطاقة الدولية. الثاني أن وكالة الطاقة أسست بهدف تحقيق أمن الطاقة، وكل ما تقوم به هو العكس، وأزمة الطاقة الأوروبية الحالية دليل على ذلك.

وقد يقول قائل، حسبك، سبب أزمة الطاقة في أوروبا هو الهجوم الروسي على أوكرانيا. هذا الكلام غير صحيح لأن أزمة الطاقة الأوروبية والارتفاع الشديد في أسعار الغاز والكهرباء حصل في عام 2021، قبل الهجوم الروسي بشهور. وتوقف الرياح في بريطانيا لا علاقة له بالحرب في أوكرانيا، وتوقف المفاعلات النووية في فرنسا ثم إضراب العمال الفرنسيين وتوقف مصافي النفط لا علاقة له لا بروسيا ولا بأوكرانيا. وقيام ألمانيا بوقف مفاعلاتها النووية بالكامل لا علاقة له بالهجوم الروسي أيضاً.

نشرت وكالة الطاقة الدولية تقريرها السنوي عن الاستثمار في قطاع الطاقة عالمياً، وهو تقرير طويل. ولكن سأركز على نقطة ارتفاع التكاليف في هذا المقال. 

قامت وكالة الطاقة بتصميم مقياس معياري لقياس تكاليف المعدات المستخدمة في كل أنواع الطاقة المتجدة والبطاريات وكل ما يلزم للتحول الأخضر. وبناء على هذا المقياس، ارتفعت تكاليف المدخلات اللازمة لبناءالألواح الشمسية والعنفات الهوائية والبطاريات وغيرها منذ نهاية عام 2020، بعد أن كانت في انخفاض كبير ومستمر في الأعوام التي قبلها. فقد كان المقياس عند 240 في 2014، واستمر بالانخفاض حتى وصل إلى 100 في الربع الرابع من عام 2019 (قبل كورونا)، ثم بدأ بعدها بالارتفاع وما زال في ارتفاع حتى الآن. وهو يقترب حالياً إلى ما كان عليه في عام 2018. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت وكالة الطاقة في تقريرها إلى أن تكاليف الألواح الشمسية الكهروضوئية ارتفعت في بداية عام 2022 بمقدار 20 في المئة مقارنة بعام 2021، كما أن تكاليف توربينات الرياح ارتفعت بنسبة 35 في المئة عما كانت عليه في عام 2020. 

حتى تكاليف إنتاج الكيلوواط ساعة من الطاقة المتجددة زادت، علماً بأن طريقة مقارنة تكاليف الكيلوواط ساعة لمصادر الطاقة المختلفة غير صحيحة، ومتحيزة لصالح الطاقة المتجددة. 

الإشكالية هنا هي إصرار داعمي سياسات التغير المناخي على أن هذه التكاليف ستستمر بالانخفاض حتى تصبح أرخص مصادر الطاقة والمواصلات، وهذا لم يحصل، حسب أرقامهم هم. والحقيقة أن ارتفاع التكاليف أكبر لأنها لم تشمل الإعانات الإضافية التي قدمتها الإعانات لمنع انهيار بعض الشركات، ولم تشمل الآثار السلبية لارتفاع تكاليف الطاقة على الاقتصاد، ولم تشمل تكلفة المحطات البديلة، خاصة الغاز، التي تبقى على أهبة الاستعداد طيلة الوقت لتغطية تقطع الطاقة الشمسية والهوائية، ولا تشمل الإعانات التي تقدمها بعض الحكومات لبعض مزارع الرياح كي تتوقف عن العمل! 

ارتفعت أسعار المدخلات، والتي تتضمن العديد من المعادن، وشرائح الكمبيوتر، وغيرها لأسباب اقتصادية عدة، أهمها أن زيادة الطلب على معادن معينة رُفعت أسعارها، ومشاكل النقل العالمية بعد انتهاء إغلاقات كوفيد-19، ولأسباب سياسية بسبب الحروب التجارية مع الصين، ورفع الضرائب الجمركية، خاصة على الألواح الشمسية، ومحاول التنقيب عن بعض المعادن محلياً، والأجور في أوروبا وأميركا عالية. 

تقرير وكالة الطاقة الدولية لا يغطي الشهور الأولى من عام 2023، ولكن البيانات المتاحة توضح أن تكاليف الطاقة المتجددة والبطاريات والسيارات الكهربائية استمرت في الزيادة. كما أن بيانات وكالة الطاقة لا تشمل بعض التفاصيل مثل الأجور والأرض، ومواد البناء، والتي ارتفعت كلها. 

ونظراً للتنافس على الأراضي في الاستخدامات المختلفة، ولمعارضة كثير من القرى والمدن الصغيرة لوجود مزارع رياح قريبة منها، يتم حالياً التركيز على الرياح في البحار، وهذا يرفع التكاليف بشكل ملحوظ. وحتى لو تم حل المشاكل التجارية وتم تخفيض الرسوم الجمركية، فإن سياسات الأمن القومي تتطلب سياسات جديدة تتعلق بتخفيض الاعتماد على المعادن المهمة لتحقيق التحول الأخضر، وهذا سيرفع التكاليف بشكل كبير بسبب ارتفاع أجور العمال في الغرب من جهة، والقوانين البيئية الصارمة التي تحكم المناجم من جهة أخرى. 

ختاماً، حديث وكالة الطاقة الدولية بالأرقام عن ارتفاع التكاليف يضع حداً للأساطير التي تحيط بالتراجع المستمر في تكاليف الطاقة “المتجددة”. وكما ذكرت سابقاً، الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ليست متجددة، وليست مستدامة. المتجدد والمستدام هو أشعة الشمس والرياح، ولكن المشاريع لها عمر محدد في العقد وتنتهي. 

subtitle: 
أغلب الاستثمار العالمي في التحول الأخضر يتركز في بضع دول فقط أغلبها في أوروبا وأميركا الشمالية والصين واليابان
publication date: 
الثلاثاء, مايو 30, 2023 – 02:30

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
الموقع :www.independentarabia.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى